إلاّ ما عرفت من مانعية الحرمة الواقعية.
هذا ما كنّا حرّرناه سابقاً ، ولكنّه لا يخلو عن إشكال ، لأنّه بعد البناء على كونه من قبيل التخصيص الواقعي ، يكون حاله حال ما لو قال : أكرم عالماً ، وقال : لا تكرم الفسّاق ، وقدّمنا الثاني على الأوّل ، فإنّه يوجب انحصار مورد الأوّل بغير الفاسق ، ولا تنفع فيه أصالة البراءة من حرمة إكرام المشكوك الفسق. بل ربما يقال إنّه لا ينفع فيه استصحاب الجواز لو كان له حالة سابقة ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّه على القول بالامتناع يكون حاله حال النهي عن العبادة الخاصّة في كونه مخصّصاً لدليل الأمر ، ومع ذلك لو شكّ في تحريم عبادة للشبهة الموضوعية أو الحكمية ، تكون أصالة البراءة نافعة في الصحّة ، هذا كلّه على تقدير مانعية الغصب.
وأمّا لو قلنا في مثل ذلك بالشرطية ، وأنّ الشرط هو الاباحة الواقعية ، لأمكن القول بما أفاده قدسسره من عدم جواز الاقدام استناداً إلى البراءة أو قاعدة الحل ، بناءً على أنّ الشرط هو الاباحة الثابتة للشيء بعنوانه الأوّلي ، فلا تنفع فيه الاباحة الثابتة بعنوان الشكّ ، لكن لا يكون الأصل حينئذ في ناحية الشرطية هو البراءة ، بل يكون الأصل هو الاحتياط ، فإنّا بعد البناء على أنّه يشترط الاباحة الواقعية في مكان المصلّي ، وأنّ أصالة البراءة أو الحل في المكان لا تنفع في تحقّق الشرط المذكور ، تكون المسألة من قبيل الشكّ في تحقّق الشرط المفروغ عن كونه شرطاً ، فيكون المرجع حينئذ هو الاحتياط لا البراءة عن الشرطية ، إذ لا يكون المقام حينئذ من قبيل الشكّ في أصل الشرطية ، بل يكون من قبيل الشكّ في تحقّق الشرط بعد فرض إحراز كونه شرطاً.
تنبيه : وهو أنّه لو قلنا بأنّ المانعية فيما يحرم أكله مرتّبة على ما يحرم أكله ، لا أنّهما في عرض واحد ، كان استصحاب الحلّية حاكماً على البراءة من المانعية دون مثل أصالة البراءة من حرمة الأكل ، فإنّها لا يحرز بها الحلّية كي تكون