حاكمة على البراءة من المانعية. أمّا قاعدة الحل فالظاهر حكومتها على البراءة من المانعية ، فإنّها وإن لم تكن من الأُصول الاحرازية ، إلاّ أنها من الأُصول التنزيلية التي يكون مرجع التنزيل فيها إلى الحكم بترتيب آثار الحل ، ومن جملتها جواز الصلاة فيه. نعم لو قلنا بعدم كونها من الأُصول التنزيلية ، بل إنّ مفادها هو جعل الحكم في مورد الشكّ كما أفاده العلاّمة الخراساني قدسسره في مبحث الاجزاء من الكفاية (١) لم يكن وجه للحكومة المذكورة ، فراجع ما حرّرناه في ذلك المبحث (٢).
وحاصل الإشكال في الأُصول غير الاحرازية وغير التنزيلية مثل حديث الرفع : هو أنّ اشتراط الحلّية أو مانعية الحرمة إن كانت مترتّبة على ما هو كذلك واقعاً فالبراءة لا تنفع ، وإن كان هو الأعمّ من الواقعي والظاهري ، فأصالة البراءة [ نافعة ] ولكن مقتضاها الإجزاء وعدم الاعادة ، وهذا لا يمكن الالتزام به. وعلى أي حال فإنّ كون هذه المانعية منتزعة من التكليف النفسي الذي هو حرمة الأكل محلّ تأمّل وإشكال ، بل إنّ موضوع هذه المانعية هو ذلك التكليف النفسي لا أنّها منتزعة منه.
قوله : فظهر ممّا ذكرنا : أنّ ما أفاده الشيخ قدسسره قبل تنبيهات الأقل والأكثر بأسطر من أنّ الأصل الجاري لنفي التكليف يغني عن جريانه في طرف الشرطية ، على إطلاقه ممنوع ... الخ (٣).
بل إنّ الشيخ قدسسره في عبارته المذكورة صرّح بحكومة أصالة البراءة على
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٨٦.
(٢) راجع الحواشي المتقدّمة في المجلّد الثاني من هذا الكتاب في الصفحة : ٣٧٥ وما بعدها ، وكذا ما ذكره قدسسره في الصفحة : ٤٠٢ وما بعدها من المجلّد المذكور.
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ١٩٣.