ـ أعني التقييد والتخصيص الواقعي ـ هو المختار لشيخنا الأُستاذ قدسسره ، بل هو قدسسره يقول ببقاء الاطلاق في كلّ منهما ، غايته أنّه يقع بين التكليفين تزاحم في مقام الامتثال ، فيلزم تقديم ما هو المقدّم في باب التزاحم ، وهو النهي فيما نحن فيه لعدم البدل له ، بخلاف الأمر فإنّه له البدل.
اللهمّ إلاّ أن يراد من التقييد في هذا المقام التقييد العقلي الناشئ عن عدم القدرة ، باعتبار كون كلّ من التكليفين سالباً لقدرة المكلّف على الآخر ، في قبال قول المحقّق الثاني قدسسره بالصحّة في مورد الاجتماع من جهة الانطباق القهري ، فراجع المسألة في محلّها (١).
وبالجملة : أنّ هذا التحرير لا يخلو عن إجمال أو قصور ، وتمام توضيحها في محلّها أعني باب اجتماع الأمر والنهي ، فراجعه وتأمّل ، هذا ما كنّا نورد به سابقاً.
ولكن لا يخلو عن تأمّل وبحث ، والخلاصة : هي أنّه لا يتصوّر كون المانعية منتزعة عن النهي النفسي مع فرض كونهما عن ملاك واحد ، بل حينئذ يكون كلّ منهما في عرض الآخر ، ولا يكون سقوط أحدهما موجباً لسقوط الآخر ، ويكون الحال في ذلك كما هو الحال في مانعية ما لا يؤكل بالقياس إلى حرمة الأكل.
ثمّ إنّ مثل قوله : لا تصلّ في الحرير ، يكون نسبته إلى قوله : صلّ ، نسبة المخصّص ، فيكون الخروج واقعياً ولا يؤثّر فيه الجهل والاضطرار ، فما معنى قولهم بالصحّة عند الجهل والاضطرار ، إلاّ أن يدّعى أنّ خروج الصلاة مع الحرير
__________________
(١) راجع الحاشية المتقدّمة في المجلّد الرابع من هذا الكتاب في الصفحة : ٧٥ وما بعدها ، وكذا راجع الحاشيتين المتقدّمتين في المجلّد الثالث في الصفحة : ١٣٦ وما بعدها والصفحة : ١٤٤ وما بعدها.