عن عموم قوله صلّ ، ليس بالخروج الملاكي ، أعني أنّها لم تخرج إلاّمن جهة النهي عنها ، وحيث يسقط النهي بالاضطرار أو الجهل ، لا تكون الصلاة المذكورة خارجة عن العموم المذكور. نعم لو كان خروجها خروجاً ملاكياً نظير أكرم العلماء ولا تكرم الفسّاق منهم ، لم يمكن الحكم بالصحّة عند الجهل والاضطرار. وبعبارة أُخرى : هل الخروج من باب التزاحم أو أنّه من باب التخصيص الواقعي ، وعبّر شيخنا قدسسره عن الأوّل بكون المانعية منتزعة وناشئة عن النهي النفسي ، وعن الثاني بكونهما معاً ناشئين عن ملاك واحد ، فلاحظ وتدبّر.
ولا يخفى أنّ مثل قوله : « لا تصلّ في الحرير » لابدّ أن يكون النهي فيه ناشئاً عن مفسدة في الصلاة في الحرير ، فتكون تلك المفسدة موجبة لعدم تأثير الصلاح في أصل الصلاة ، ويكون الخروج خروجاً ملاكياً وخطابياً لا خطابياً فقط ، فإنّ ذلك ـ أعني الخروج الخطابي فقط ـ إنّما يكون في التزاحم في مقام الامتثال ، كما في الأمر بالازالة مع الأمر بالصلاة ، وكما في مسألة الاجتماع على القول بالجواز من الجهة الأُولى ، بخلاف مثل لا تصلّ في الحرير ونحوه بالقياس إلى عموم الأمر بالصلاة ، فإنّ التزاحم تزاحم ملاكي ، ويكون في مقام الجعل والتشريع لا في مقام الامتثال.
وهذا الإشكال هو الذي ينبغي التشبّث به في قبال ما أفاده في الكفاية (١) في تصحيح العبادة في مسألة الاجتماع عند الجهل والنسيان والاضطرار مع قوله بالامتناع من الجهة الأُولى ، وأمّا ما أفاده شيخنا قدسسره (٢) من أنّ لازمه كون عدم أحد الضدّين مقدّمة لوجود الضدّ الآخر ، فيمكن القول بعدم الالتزام بالمقدّمية ، بل
__________________
(١) كفاية الأُصول : ١٧٥.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٢٤٥ ـ ٢٤٦.