وتوضيح الأقسام : أنّه لو كان لما عدا الركوع مصلحة تخصّه ، لكنّها كانت متوقّفة على وجود الركوع توقّفاً مطلقاً ، كان مقتضاه الأمر بالصلاة المشتملة على الركوع بقول مطلق ، وهذه هي الصورة الأُولى. وإن كان التوقّف المذكور منحصراً بصورة التمكّن من الركوع ، كان مقتضاه هو الأمر بالصلاة المشتملة على الركوع إن تمكّن منه ، وإلاّ كان مأموراً بما عداه ، وهذه الصورة الثانية.
ولا مورد للبراءة في هاتين الصورتين. نعم يمكن احتمال ذلك في الصورة الأُولى ولو بعيداً ، بأن تكون هناك مصلحة أُخرى في الباقي تحدث عند عدم التمكّن من الركوع ، غير تلك المصلحة التي كانت مقيّدة مطلقاً بوجود الركوع.
وأمّا لو لم يكن في البين إلاّمصلحة قائمة بالمجموع ، كان مقتضاه الأمر
__________________
بحال التمكّن من الركوع ولم يكن لأصل الأمر إطلاق ، يكون وجوب الباقي محتملاً فينفى بالبراءة ، وإن كان على تقدير كون القيدية مقيّدة يكون وجوب الباقي غير حادث ، بل يكون موجوداً من أوّل الأمر ، لكنّا لمّا كنّا نحتمل إطلاق القيدية الملازم لعدم وجوب الباقي من أوّل الأمر ، وأنّه لو كان في البين وجوب في الباقي لكان حادثاً ، وأنّ ذلك ليس بملازم لاطلاق القيدية ، بل كان من باب الاحتمال ، كان وجوب الباقي عند التردّد في القيدية بين الاطلاق والتقييد مع فرض عدم إطلاق الأمر الأصلي مردّداً بين كونه موجوداً من أوّل الأمر ، وكونه حادثاً بحدوث تعذّر الركوع ، وبين العدم بحيث لا يكون موجوداً من أوّل الأمر كما هو قضية تقييد القيدية ، ولا حادثاً بحدوث العجز عن الركوع كما هو أحد الاحتمالين في إطلاق القيدية ، فأصالة البراءة تنفي كلاً من الاحتمالين أعني احتمال قيدية التقييد واحتمال الحدوث على تقدير إطلاق التقييد ، وتعيّن الاحتمال الآخر في إطلاق التقييد ، وأنّه عند تعذّر الركوع يسقط الأمر بالمركّب ولا يحدث وجوب جديد للباقي عند تعذّر الركوع. نعم يبقى الكلام في جريان قاعدة الميسور في مورد ثبوت إطلاق دليل التقييد ، وسيأتي [ في الصفحة : ٤٥٥ ] إن شاء الله تعالى الكلام عليه عند تعرّضه له في ص ٨٩ [ منه قدسسره ].