بالمجموع من دون تقييد بالقدرة على الركوع ، كما هو الحال في الصورة الأُولى ، إلاّ أنّه في هذه الصورة التي هي الصورة الثالثة ، لا مانع من وجود مصلحة أُخرى تحدث عند العجز عن الركوع ، توجب أمراً جديداً متعلّقاً بالصلاة ما عدا الركوع مقيّداً بالعجز عن الركوع ، وعند احتمال ذلك يكون المرجع هو البراءة.
وحينئذ نقول : لو كان دليل الجزئية مطلقاً نزّلناه على الصورة الأُولى ، ويمكن دخول الصورة الثالثة فيه. ولو كان مقيّداً بحال التمكّن من الركوع نزّلناه على الصورة الثانية ، ويمكن أن تدخل فيه الثالثة عند حدوث مصلحة جديدة تقتضي إيجاباً جديداً للباقي ، فتأمّل.
والخلاصة في توجيه إطلاق الجزئية والشرطية ، أو تقييدهما بصورة القدرة بناءً على عدم جعل الجزئية والشرطية وإنكار التقييد في الأوامر الغيرية ، بل إنكاره في الأوامر النفسية الضمنية كما يستفاد من قول شيخنا قدسسره : فالقدرة إنّما تعتبر أيضاً في المجموع لا في الآحاد الخ (١) ، هو أن يقال : إنّه لو أُمر المكلّف بالصلاة ثمّ قيل له : صلّ متطهّراً ، الذي هو عبارة عن الأمر بالمجموع المركّب من الصلاة والطهارة لها ، فهذا القول ـ وهو قوله : صلّ متطهّراً ـ يدلّ على مدخلية الطهارة في ملاك الصلاة على وجه لا ملاك لها ولا يؤمر بها لو كانت فاقدة للطهارة ، فلو ألحقه بقوله : إن كنت قادراً على الطهارة ، كان ذلك عبارة أُخرى عن أنّه إن لم يكن قادراً على الطهارة لم يكن مأموراً بالصلاة متطهّراً ، وسقط ذلك الأمر خطاباً لا ملاكاً ، لكن لو جاء بالصلاة فاقدة للطهارة في ذلك الحال أعني في حال تعذّرها ، لم تكن خالية من الملاك ، لأنّ توقّف ملاكها وتوقّف الأمر بها على وجود الطهارة مشروط بالقدرة ، فلو كان هناك إطلاق في الأمر الأوّل أعني قوله صلّ ، كان كافياً في
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٢٥٣.