وجوب الباقي ، وإن لم يكن لنا ذلك الاطلاق ، كان المرجع إلى مثل قاعدة الميسور ، ولكن يكون ذلك الأمر بالباقي أمراً جديداً ، وكذا لو كانت الصلاة في نفسها خالية من الملاك ، وكان حدوث الملاك لها بانضمام الطهارة إليها في خصوص كون الطهارة مقدورة ، يكون الوجوب للباقي لو قلنا به وجوباً جديداً ، وإن أمكن إثباته بقاعدة الميسور بنحو من المسامحة ، هذا كلّه لو قال : صلّ متطهّراً إن كنت قادراً على الطهارة ، وهذا هو المعبّر عنه بكون دليل التقييد مقيّداً.
ولو جرّده من هذا القيد واقتصر على مجرّد قوله : صلّ متطهّراً ، كانت مدخلية الطهارة في ملاك الصلاة مطلقة ، وعند تعذّر الطهارة يسقط الأمر المتعلّق بالصلاة مع الطهارة خطاباً وملاكاً ، وكان مقتضاه عدم وجوب الباقي ، لكن لو دلّ دليل على وجوبه فهو وجوب آخر حتّى لو كان من قبيل اختلاف المرتبة ، بأن تكون الصلاة في حدّ نفسها ذات صلاح بعشر درجات ، لكن إذا وقعت مع الطهارة كانت بعشرين ، فهذا الوجوب المتعلّق بالصلاة مع الطهارة الناشئ عن صلاح عشرين يسقط عند تعذّر الطهارة ملاكاً وخطاباً ، ويحدث وجوب آخر متعلّق بالصلاة الفاقدة للطهارة.
والذي تلخّص : أنّ الأمر بالباقي لا يكون إلاّجديداً ، ويكون مبايناً للأمر بالمركّب ، غير أنّه بالنظر العرفي يكون بعض مراتبه ، على وجه يكون الفاقد ميسوراً للواجد ، ولو لاحظنا الدقّة وأنّ الأمر المتعلّق بالفاقد مغاير للأمر المتعلّق بالواجد ، وأنّه أمر جديد لا أنّه باقٍ من الأوّل ، ينسدّ باب قاعدة الميسور.
وممّا ينبغي الالتفات إليه أنّهم قصروا الكلام في هذا المقام على قوله صلىاللهعليهوآله : « إذا أمرتكم بشيء فاتوا منه ما استطعتم » (١) وقوله صلىاللهعليهوآله : « لا يسقط الميسور
__________________
(١) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ / ٢٠٦ ( مع اختلاف يسير ) ، بحار الأنوار ٢٢ : ٣١.