جريان القاعدة في المستحبّات على وجه ( وهو ما لو جعلناه كناية عن طلب الباقي وجوباً ) أو لا يكون له دلالة على وجوب الميسور في الواجبات على آخر ( وهو ما لو جعلناه كناية عن طلب الباقي بمطلق الطلب ) فافهم (١).
فإنّ الترديد بين هذين الوجهين إنّما يكون لو جعلنا مركز التعبّد في نفي سقوط الميسور هو طلب الميسور ، بأن يكون نفي سقوطه كناية عن طلبه ، وأمّا لو جعلناه كناية عن بقائه على عهدة المكلّف ، كان مركز التعبّد هو بقاء حكمه كما قرّرناه في دفع الإشكال.
وبالجملة : أنّ قوله : وبقائه على عهدة المكلّف ، لا موقع لها في تقرير هذا الإشكال ، بل تكون هي جواباً عنه ، هذا. مضافاً إلى أنّ البقاء على العهدة مختصّ بالواجبات ، ولعلّ قوله : فافهم ، إشارة إلى هاتين الجهتين.
قوله : وأمّا قوله عليهالسلام : « ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه » (٢) فلا يبعد أيضاً أن يكون المراد من الموصول الأعمّ من الكل والكلّي ... الخ (٣).
لم يتعرّض لشبهة الشمول للمستحبّات ، مع أنّ جريانها في هذا الحديث أقوى من جريانها في حديث الميسور ، حيث إنّ نفس « لا يترك » حكم شرعي بعدم جواز الترك الذي هو عبارة عن وجوب الفعل ، فلا تشمل [ إلاّ ] الواجبات ، سواء كانت لفظة « لا » في قوله : « لا يترك » نافية أو ناهية ، وقد تعرّض في الكفاية (٤) لهذه الشبهة وسجّلها ولم يجب عنها بما أُجيب به عن الشبهة في حديث
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٣٧١ ـ ٣٧٢.
(٢) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ / ٢٠٧.
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ٢٥٥.
(٤) كفاية الأُصول : ٣٧٢.