المستحبّات ، وإن كان المراد بطلب الباقي المكنّى عنه بعدم السقوط هو مطلق الطلب ، شملت المستحبّات ، ولكن لا تدلّ في الواجبات على أزيد من أنّ الباقي مطلوب في الجملة ، فلا تكون دالّة على وجوبه.
والجواب عنه : أنّ عدم السقوط لم ينسب إلى نفس الميسور ، كي نضطرّ إلى صرف التعبّد الشرعي إلى نفس ذلك العدم ونجعله كناية عن طلب الباقي ، بل إنّ عدم السقوط منسوب إلى الباقي باعتبار حكمه ، فيكون ذلك ـ أعني عدم سقوط الحكم ـ هو مركز التعبّد ، لأنّه عبارة عن الحكم ببقاء حكم الميسور ، سواء كان ذلك الحكم وجوبياً أو كان استحبابياً ، فتكون القضية شاملة للواجبات والمستحبّات ، وتكون دالّة على بقاء وجوب الباقي في الواجبات ، وعلى بقاء استحباب الباقي في المستحبّات.
ولا يخفى أنّ نسبة عدم السقوط إلى الميسور باعتبار حكمه لا يتعيّن فيها سلوك طريقة مجاز الحذف ، بأن نقول بتقدير الحكم مضافاً إلى الميسور ، ونقول إنّ المراد لا يسقط حكم الميسور ، بل يمكننا الأخذ بها من دون تقدير على نحو المجاز أو الاستعارة ، وأنّ نسبة عدم السقوط إلى الميسور إنّما هي بلحاظ حكمه نظير نفي الضرر لو جعلناه بمعنى الفعل الضرري ، فإنّ نفيه حينئذ يكون كناية عن نفي حكمه ، وهذا ما يقوله صاحب الكفاية قدسسره من أنّه نفي للحكم بلسان نفي الموضوع.
ومن ذلك كلّه يظهر لك التأمّل فيما أفاده صاحب الكفاية قدسسره في المقام ، فإنّه قدسسره أوّلاً ذكر الإشكال وأجاب عنه بما يرجع إلى أنّ نسبة عدم السقوط إلى الميسور باعتبار حكمه ، فيكون كناية عن عدم سقوط حكمه ، ثمّ قال : لا أنّها عبارة عن عدم سقوطه بنفسه وبقائه على عهدة المكلّف كي لا يكون له دلالة على