والمعسور من الشيء الواحد ، فلابدّ في الميسور من كونه مصداقاً لكونه ميسوراً من ذلك الشيء.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ قوله « كلّه » في الفقرتين ، وإن كان هو النائب عن الفاعل لا تأكيداً لضمير مستتر في « لا يدرك » و « لا يترك » إلاّ أنه يستفاد منه عرفاً أنّه بمنزلة التأكيد ، فكأنّه قال : الشيء الذي لا يكون هو مدركاً كلّه لا يكون هو متروكاً كلّه.
وبعبارة أُخرى : أنّ الشيء الذي كان الموصول كناية عنه يكون محفوظاً في المقامين ، بمعنى أنّ الشيء الذي لم يمكن أن يدرك بتمامه لا وجه لتركه بتمامه ، فموضوع الحكم بعدم الترك هو ذلك الشيء ، فلابدّ من حفظه ، فتأمّل.
والإنصاف : أنّ العرف يساعد على هذه الجهة التي أفادها قدسسره ، لكن لا على نحو التضييق في قاعدة الميسور ، بل الأمر في قاعدة « ما لا يدرك » أوسع في الجملة من ذلك ، وإن لم تكن تلك التوسعة بحدّ توجب شمولها لما إذا لم يبق إلاّ الجزء الضعيف الضئيل.
قوله : والمراد من عدم سقوط الميسور عدم سقوطه بما له من الحكم الوجوبي أو الاستحبابي ـ إلى قوله ـ عن عموم القاعدة ... الخ (١).
هذا إشكال راجع إلى أنّ القاعدة إمّا أن تكون مختصّة بالواجبات ، ولا يمكن القول به ، وإمّا أن تكون شاملة للمستحبّات فلابدّ أن يكون مفادها الجامع ، فلا تدلّ حينئذ على وجوب الباقي في الواجبات. وتفصيل ذلك : هو أنّ « لا يسقط » قد سلّط على نفس الميسور ، فلابدّ أن يكون نفي سقوطه كناية عن طلبه ، فإن كان طلب الباقي وجوبياً اختصّت القاعدة بالواجبات ولم تشمل
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٢٥٥.