لحرارة الهواء المفرطة جاز البناء ، ومع إفراط حرارته يغسل متوالياً بحيث لو اعتدل لم يحكم بجفاف السابق حينئذ ، ولا يجوز استئناف ماء جديد للمسح (١).
وهذه العبارة وإن لم تكن صريحة في المنع عن الماء الجديد في خصوص هذه الصورة ، لاحتمال كونها بياناً لحكم مستقل ، إلاّ أن عبارته في المنتهى صريحة في ذلك ، فإنّه قال : الرابع : لو جفّ ماء الوضوء لحرارة الهواء المفرطة ، جاز البناء دون استئناف ماء جديد للمسح ، لحصول الضرورة المبيحة للترخّص (٢) وليس مراده بقوله : دون استئناف ماء جديد ، مجرّد نفي الوجوب ، بل المراد به نفي الجواز ، لكونه في مقابل قوله : جاز البناء ، بل هو قيد له ، بمعنى أنّه يجوز له البناء مقيّداً بعدم استئناف ماء جديد. ولكن نقل في مفتاح الكرامة عن بعض النسخ لفظ « الواو » مكان لفظة « دون » (٣).
قال السيّد ( سلّمه الله تعالى ) في تحريره عن شيخنا قدسسره : ومن هنا يظهر دلالة الرواية الثالثة أيضاً ، فإنّ الظاهر منها أنّ الميسور من الشيء لا يسقط بما له من الحكم وجوبياً أو استحبابياً بتعسّر غيره ، فيدلّ على وجوب الباقي ، بل الظاهر منها الشمول للواجب البسيط أيضاً إذا كان له مراتب ، وأنّ تعسّر المرتبة العالية منه لا يوجب سقوط غيرها من المراتب التي تعدّ ميسورة منه (٤).
إنّ اختلاف المراتب لا يتأتّى في الواجب البسيط ، بل لابدّ من أن يكون في
__________________
(١) تحرير الأحكام ١ : ٨٢.
(٢) منتهى المطلب ٢ : ١١٧.
(٣) مفتاح الكرامة ١ : ٤٤٠.
(٤) أجود التقريرات ٣ : ٥٣٦.