الأُولى الخروج اليقيني عمّا اشتغلت به الذمّة ، سواء كان ذلك في ضمن الاحتياط المتوقّف على التكرار ، أو غير المتوقّف على التكرار ، أو كان في ضمن الاتيان بما علم تفصيلاً أنّه المأمور به. والثانية الخروج الاحتمالي ، وذلك منحصر في الموارد التي لا يمكن الاحتياط فيها بعد فرض تنجّز التكليف بالنسبة إليها. ولو سلّمنا تقدّم الخروج الظنّي على الخروج الاحتمالي لا تكون المراتب إلاّثلاثة ، فراجع ما حرّرناه في هذه المراتب عند الكلام على ما أُفيد فيها في مباحث القطع (١).
قوله : لأنّ حقيقة الطاعة هي أن تكون إرادة العبد تبعاً لإرادة المولى بانبعاثه عن بعثه وتحرّكه عن تحريكه ، وهذا يتوقّف على العلم بتعلّق البعث والتحريك ... الخ (٢).
تقدّم البحث على ذلك في مباحث القطع (٣) وأنّه ليس لنا في باب العبادة إلاّ لزوم الاتيان بها بداعي أمرها ، وذلك عبارة أُخرى عن اعتبار كون الباعث والمحرّك للاتيان بها هو الأمر المتعلّق بها ، وقد حرّرنا هناك وقوعها بداعي الأمر فيما لو كان الأمر حين الاتيان بها محتملاً وقد صادف الواقع ، وإلاّ لم يكن الاحتياط ممكناً حتّى فيما لو لم يكن تحصيل العلم بالأمر ممكناً ، وليست الطاعة المعتبرة في العبادة هي الطاعة العقلية حتّى نقول فيها بجريان المرتبتين المذكورتين ، وأنّه لا يتنزّل عن الأُولى إلى الثانية إلاّبعد العجز عن الأُولى.
__________________
(١) راجع المجلّد السادس من هذا الكتاب ، الصفحة : ١٩٨ وما بعدها.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٢٦٩.
(٣) في المجلّد السادس من هذا الكتاب ، راجع الحاشية المفصّلة في الصفحة : ١٧٢ وما بعدها.