يستحبّ له صوم غد ، لكن يحتمل أنّه مشغول الذمّة بصوم يوم واحد ، فإن أراد الاحتياط في صوم غد يتعيّن عليه أن يأتي به بداعي احتمال الوجوب ، ولا يكفيه نيّة مطلق الطلب ، فإنّ ذلك لا يكفيه عن صوم اليوم الذي اشتغلت به ذمّته لو اتّفق أنّه كان مشغول الذمّة بقضاء صوم يوم واحد.
ومن ذلك يظهر لك الإشكال فيما ربما يقع في كلماتهم في الرسائل العملية من الأمر بالاحتياط بالاتيان بالجزء المشكوك فيه بقصد القربة المطلقة فيما لو كان ذلك الجزء الذي حصل الشكّ في الاتيان به ذكراً أو دعاء أو قرآناً ، كما يظهر لك ذلك من مراجعة كلماتهم في مسألة الظنّ في الأفعال إذا حصل له الظنّ بعدم الاتيان بعد تجاوز المحل ، أو الظنّ بالاتيان وهو في المحل ، وكما فيما لو كان المأموم في الأُولى أو الثانية واحتمل كون الإمام في الثالثة مثلاً ، فإنّهم ربما قالوا إنّه يقرأ بقصد القربة المطلقة.
فإنّه إن كان المراد بذلك هو أن يقرأ بداعي احتمال كونه واجباً عليه كان حسناً ، إلاّ أنه لا يحسن التعبير عن ذلك بقصد القربة المطلقة. وإن كان المراد هو الاتيان بقصد أمره الواقعي ، فهو إنّما يحسن فيما لو كان على تقدير الوجوب لا يكون ذلك الجزء مستحبّاً ، كما أنّه لو كان مستحبّاً لا يكون واجباً ، فهو يقصد امتثال أمره الواقعي على ما هو عليه من الوجوب أو الاستحباب. أمّا (١) إذا فرضنا أنّه على تقدير كونه واجباً لا يكون تحقّق وجوبه واقعاً موجباً لانتفاء الأمر الاستحبابي ، على وجه أنّه مع تحقّق الوجوب يمكنه أن يأتي به أوّلاً بداعي الأمر الاستحبابي ثمّ يأتي به بعد ذلك بداعي أمره الوجوبي ، كما في من عليه قضاء صوم يوم واحد ، فإنّه يصحّ له أن يصوم غداً بداعي الأمر الاستحبابي ، ثمّ بعد
__________________
(١) [ لم يذكر قدسسره جواب « أمّا » ولعلّه لوضوحه ].