مانعاً من الرجوع إلى البراءة ولو بعد الفحص ، وإن كان منحلاً بواسطة الاطّلاع على ما هو بمقدار المعلوم بالاجمال لم يكن الفحص واجباً.
وأجاب عنه بما حاصله : أنّ المعلوم الاجمالي هو وجود التكاليف الواقعية في الوقائع التي يقدر على الوصول إلى مداركها ، وإذا تفحّص ولم يجد خرجت الواقعة عن الوقائع التي علم إجمالاً بوجود التكليف فيها ، ثمّ قال : ولكن هذا لا يخلو عن نظر ، أمّا أوّلاً ، وحاصله منع التقييد. وأمّا ثانياً وحاصله ما أفاده بقوله : مع أنّ هذا الدليل إنّما يوجب الفحص قبل استعلام جملة من التكاليف يحتمل انحصار المعلوم إجمالاً فيها ، فتأمّل وراجع ما ذكرنا في ردّ استدلال الأخباريين على وجوب الاحتياط في الشبهة التحريمية بالعلم الاجمالي (١).
وينبغي أن يعلم أنّ الحجر الأساسي هو كون المعلوم بالاجمال في جملة الوقائع معلّماً بعلامة خاصّة ، وهي كونه لو تفحّصنا لعثرنا عليه فيما بأيدينا من الكتب ، وذلك قابل للمنع كما أفاده قدسسره أوّلاً ، إذ ليس كلّ ما نعلمه إجمالاً من التكاليف الصادرة عن صاحب الشريعة واجدة لهذه الصفة ، إذ لعلّ بعضها لم يصل إلينا.
ثمّ بعد فرض كون المعلوم الاجمالي كذلك ، يندفع أحد الإشكالين ، وهو أنّه بعد الفحص وعدم العثور لا ينبغي الرجوع إلى البراءة لبقاء العلم الاجمالي ، ووجه الاندفاع واضح ، وهو أنّه بالفحص وعدم العثور ينكشف أنّ المورد خارج عن أطراف المعلوم بالاجمال.
ولكن يبقى الإشكال الآخر ، وهو أنّه بعد العثور على مقدار ما هو المعلوم بالاجمال ، ينحلّ العلم الاجمالي ، فلا يبقى موجب للفحص لما يبتلى به المكلّف
__________________
(١) فرائد الأُصول ٢ : ٤١٤ ـ ٤١٥.