ومن هذا القبيل ما لو علم بخمرية أحد الاناءين وقد شربهما معاً ، ثمّ بعد ذلك تبيّن أنّ كلاً منهما كان خمراً ، فإنّه على الظاهر يلزمه العقابان ، وإن كان يظهر من شيخنا قدسسره أنّه لا يلزمه إلاّ العقاب على الأوّل ، فراجع ما حرّره عنه في
__________________
قبيل أنّ المتبيّن من سنخ الحرمة التي كانت مقطوعاً به ، أو كانت منجّزة بالعلم الاجمالي.
وأوضح مثال لما نحن فيه هو أن يعلم بأنّ إحدى هاتين المرأتين الصغرى والكبرى أُخته مثلاً ، ويحتمل أن تكون الكبرى عمّته ، ثمّ أقدم من دون فحص على تزوّج الصغرى مثلاً ، ثمّ تبيّن أنّ أُخته كانت هي الكبرى التي لم يتزوّجها لكن اتّفق أنّ تلك الصغرى التي تزوّجها هي عمّته. بل الذي يكون عين ما نحن فيه هو احتمال كون الأُخرى أُخته أيضاً ، فهو لو علم بأنّ الكبرى أُخته يحتمل احتمالاً بدوياً أنّ الصغرى أُخته أيضاً.
ثمّ إنّه قد يقال بعدم الانحلال قبل الفحص ، بدعوى أنّ المعلوم بالاجمال الأوّلي إنّما ينحلّ بعد الفحص والعثور على ما هو بمقداره ، فإنّ الانحلال ليس أمراً واقعياً بحيث يكون العلم الأوّل منحلاً في الواقع إلى مؤدّيات الطرق التي لم نصل إليها بعدُ ، بل الانحلال أمر وجداني تابع للعثور على ما هو بمقدار المعلوم بالاجمال من مؤدّيات الأمارات الموجودة فيما بأيدينا من الكتب.
قلت : لا يخفى أنّ توقّف الانحلال على تحقّق الفحص إنّما هو لو أُريد به الانحلال التفصيلي ، أمّا الانحلال الاجمالي بأن يكون المعلوم بالاجمال أوّلاً منحلاً إلى المعلوم بالاجمال ثانياً فلا يتوقّف على تحقّق الفحص ، بل يكفي فيه العلم الاجمالي بأنّ في جملة تلك الكتب من الأدلّة المثبتة للتكليف ما يكون بمقدار المعلوم بالاجمال أوّلاً ، ولأجل ذلك نقول : إنّه لو علمنا حين الاقدام بأنّ محلّ الابتلاء لم يكن من جملة ما دلّت عليه تلك الأدلّة ، لكان ذلك كافياً في تسويغ الرجوع إلى البراءة في ذلك وجواز الإقدام عليه [ منه قدسسره ].