التقريرات المطبوعة في صيدا في روايات الاستصحاب ص ٣٦٦ و ٣٦٧ (١).
والحاصل : أنّ عدم حكم العقل أو الشرع بتسويغ ارتكاب تلك الشاة من ذلك القطيع كافٍ في صحّة العقاب على مخالفة الحرمة الواقعية ، ولا يحتاج إلى قيام الحجّة العقلية أو الشرعية على تلك الحرمة المتعلّقة بها ، لكونها في الواقع سوداء محرّمة ، بل يكفي في صحّة احتجاج المولى عليه هو مجرّد عدم المبرّر في ذلك الارتكاب الخاصّ ، بل يمكن أن يكون المانع له من إجراء البراءة العقلية والشرعية ومن ارتكاب أكل تلك الشاة الخاصّة الناشئ عن احتمال كونها بيضاء احتمالاً مقروناً بالعلم الاجمالي بحرمة البيض ، كافياً في انقطاع حجّة ذلك المكلّف ، بحيث يكون ذلك مخرجاً له عن كون عقابه بلا بيان ، حتّى أنّه لو كان قاطعاً بعدم حرمة السود لكان احتمال كونها من البيض كافياً في صحّة العقاب ، إذ لم يكن المستند له في جواز الارتكاب هو قطعه المذكور ، إذ المفروض أنّه لم يكن حين الإقدام على أكل تلك الشاة عالماً بكونها من السود ، ليمكنه أن يحتجّ بأنّي كنت قاطعاً بعدم حرمتها.
ونظير ذلك ما لو علم بخمرية هذا الاناء الصغير وكان شاكّاً في خمرية الكبير أو قاطعاً بعدمها ، وقد تناول الاناء وشربه معتقداً أنّه الصغير وقد أخطأ في اعتقاده المذكور ، وانكشف أنّ الذي تناوله هو الكبير وأنّه كان خمراً ، وأنّ الصغير لم يكن خمراً. بل الأقرب لمثال القطيع هو أن يعلم إجمالاً بخمرية أحد الاناءين الصغيرين ، وكان الثالث الكبير مشكوك الخمرية ، وقد تناول إناء معتقداً أنّه أحد الاناءين ، لكن بعد أن شربه تبيّن له أنّه الكبير وأنّه كان خمراً.
__________________
(١) الظاهر أنّه من سهو القلم ، والصحيح : ٣٦٧ و ٣٦٨ من الطبعة القديمة. راجع أجود التقريرات ٤ : ٤٧ ـ ٤٩.