وحينئذ فإن كان اعتبار الاجهار من قبيل الواجب في واجب ، بحيث إنّ مصلحة الاجهار أوجبت أن يكون الاجهار واجباً في قراءة الصلاة المذكورة من دون أن تقيّد الصلاة بالاجهار ، بحيث كانت هناك مصلحة تقتضي إيجاب طبيعة الصلاة وكانت هناك مصلحة أُخرى تقتضي وجوب الاجهار فيها ، من دون أن يكون في البين ما يوجب تقييد الصلاة بالاجهار ، لعدم توقّف المصلحة في نفس الصلاة على الاجهار بها ، كان لازم ذلك هو عدم الفرق بين الجهل بوجوب الاجهار والعلم به في أنّه لو تركه لم يمكنه الاعادة ، لحصول الامتثال بالنسبة إلى طبيعة الصلاة الذي هو ظرف امتثال الأمر بالاجهار ، ولا ينفع فيه ما أفاده في الكفاية (١) ممّا حاصله أنّ طبيعة الصلاة المعرّاة من الجهر إنّما تكون وافية بمصلحتها إذا كان وجوب الجهر غير معلوم ، لأنّ ذلك لو تمّ لكان مرجعه إلى ما أفاده الأُستاذ قدسسره (٢) من أنّ الجهر واجب نفسي ، وعند العلم بذلك الوجوب النفسي يكون الجهر قيداً في الصلاة ، إذ لا محصّل لكون الصلاة المعرّاة عن الجهر غير وافية بمصلحتها في حال العلم بوجوب الجهر ، إلاّكون الصلاة مقيّدة بالجهر في حال العلم ، لأنّ ذلك هو مقتضى عدم وفائها بمصلحتها في ذلك الحال ، بحيث يكون وفاؤها بالمصلحة المذكورة متوقّفاً في ذلك الحال على تقيّدها بالجهر.
والحاصل : أنّه بناءً على كون المسألة من قبيل الواجب في ضمن واجب ، لا محيص من الالتزام بعدم التفرقة بين العلم والجهل ، إلاّبأن يرجع التفصيل إلى التفصيل الذي أفاده الأُستاذ قدسسره من أنّ الواجب أوّلاً وبالذات هو طبيعة الصلاة ، وهذه يجب فيها الجهر وجوباً نفسياً ، وهذا الوجوب النفسي إن علم المكلّف به
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٣٧٨ ـ ٣٧٩.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٢٩٥.