شرط التكليف أو شطره (١) فراجع. وحاصل ذلك : هو أنّ بعض الأُصول يكون مفاد لسانه جعل الحكم على المشكوك ، فكما يجعل الشارع الطهارة للماء بعنوانه الأوّلي مثلاً ، فكذلك يجعلها للشيء بعنوان كونه مشكوكاً ، وفي الحقيقة تكون حكماً واقعياً ثانوياً لاحقاً للشيء بعنوان كونه مشكوكاً ، ولذلك يقول في الكفاية إنّه لا يتصوّر فيه انكشاف الخلاف ، بل يكون من قبيل التبدّل من حينه. وبعض الأُصول يكون مفاده التنزيل ، بأن يكون مفاده نزّل هذا المشكوك منزلة الطاهر في ترتيب آثار الطاهر عليه ، فيكون حال قوله عليهالسلام : كلّ شيء لك طاهر أو حلال ، حال قوله عليهالسلام : « الطواف بالبيت صلاة » (٢) والمعنى الأوّل لا يتأتّى في التالف ، لعدم قابليته لجعل الحكم ، بخلاف المعنى الثاني.
ولا يخفى أنّ المعنى الأوّل لا ينافي الحكومة ، لأنّ جعل الطهارة للشيء المشكوك يوجب الحكم بطهارة ملاقيه ، فيكون هذا الجعل في الملاقى ـ بالفتح ـ حاكماً على قاعدة الطهارة في الملاقي ـ بالكسر ـ ، ومع ذلك لا يكون مفاده إلاّ جعل الطهارة للملاقى ـ بالفتح ـ المفروض كونه مشكوك الطهارة ، ولأجل ذلك ينحصر مورده بالموجود ولا يجري في التالف. وهذا المعنى من الجعل هو الذي أشار إليه بقوله في المقالة : مثل قاعدة الحلّية على وجه.
وأمّا وجه العدول عن التمثيل بقاعدة الطهارة إلى التمثيل بقاعدة الحل ، فلعلّه هو كون قاعدة الحل في نظره أقرب إلى هذا اللسان من قاعدة الطهارة ، وأنّ لسان قاعدة الطهارة أقرب إلى التنزيل من كونه جعلاً للحكم في مورد الشكّ ، ولكن الفرق لا يخلو عن تأمّل مع فرض كون لسان الدليل فيهما واحداً.
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٨٦ ( نقل بالمضمون ).
(٢) مستدرك الوسائل ٩ : ٤١٠ / أبواب الطواف ب ٣٨ ح ٢.