بقي الكلام في الايراد المتقدّم (١) على ما أفاده الشيخ قدسسره من قيام الملاقي ـ بالكسر ـ مقام التالف الملاقى فيما لو حصلت الملاقاة والتلف ثمّ حصل العلم الاجمالي (٢).
ويمكن الجواب عنه : بأنّك قد عرفت أنّ الحكم بطهارة الثوب الملاقي للاناء المستند إلى قاعدة الطهارة في الاناء يكون من آثار قاعدة الطهارة في الاناء ، بمعنى أنّه يحكم بطهارة الاناء ، وحيث إنّ طهارته موضوع لطهارة الثوب ، يكون الثوب بهذه الواسطة محكوماً بالطهارة ، فيكون الثابت أوّلاً بواسطة قاعدة الطهارة في الاناء هو طهارة الاناء ، وبواسطة ذلك وعنه يتفرّع الحكم بطهارة الثوب ، فتكون طهارته المذكورة واقعة في الدرجة الثانية من طهارة الاناء ومتأخّرة عنها تأخّر الحكم عن موضوعه ، وهذا التأخّر هو الذي ولّد حكومة قاعدة الطهارة في الاناء على قاعدة الطهارة في الثوب ، بحيث إنّه بعد جريان قاعدة الطهارة في الاناء يزول الشكّ في طهارة الثوب ، ويكون حكمه الطهارة الناشئة عن طهارة الاناء لا الطهارة الناشئة عن كونه ـ أعني الثوب ـ مشكوك الطهارة ، وعندما يكون الاناء موجوداً تكون قاعدة الطهارة فيه معارضة بمثلها في الاناء الآخر فتسقط ،
__________________
(١) في الصفحة : ٥٥.
(٢) وهذا الايراد إنّما وجّهه على الشيخ قدسسره باعتبار اعتماده في التنجيز على تعارض الأُصول ، أمّا بناءً على مسلك المورد ـ أعني صاحب المقالة قدسسره ـ فلا إشكال عنده في قيام الملاقي ـ بالكسر ـ مقام الملاقى ، باعتبار العلم الاجمالي بالنجاسة بينه وبين طرف أصله مع فرض كون أصله خارجاً عن محل الابتلاء قبل العلم الاجمالي ، وبناءً على ذلك لو عاد الأصل إلى محلّ الابتلاء لا يجب الاجتناب عنه ، من جهة كون طرفه في العلم الاجمالي الحادث برجوعه إلى محلّ الابتلاء قد تنجّز فيه التكليف بالعلم الاجمالي السابق عندما كان هو ـ أعني الأصل ـ خارجاً عن محلّ الابتلاء [ منه قدسسره ].