إلاّ علم واحد مردّد بين الواحد والاثنين ، فيكون التكليف في كلّ من الثلاثة منجّزاً بالعلم المذكور ، ففي هذه الصورة يجب الاجتناب عن كلا المتلاقيين.
فظهر لك أنّ المدار في وجوب الاجتناب عن الملاقي ـ بالكسر ـ دون الملاقى ـ بالفتح ـ أو بالعكس أو عنهما ، على كون أحد العلمين متأخّراً عن الآخر ومعلولاً له ، أو كونهما في رتبة واحدة ومعلولين لعلّة ثالثة. وأمّا تقدّم العلم بالملاقاة على العلم بالنجاسة أو تأخّره عنه أو حدوثهما دفعة واحدة فلا أثر له فيما نحن بصدده ، انتهى ما حرّرته عنه قدسسره.
وقد ذكر عين هذا التفصيل في مقالته المطبوعة ، بقوله : ثالثها : في أنّ العلم الحاصل بمعلول شيء الخ (١) ، وأفاد فيها أنّ العلم يكون علّة للتنجّز ، فيكون التنجّز متأخّراً عنه وإن كان معلومه سابقاً على العلم ، إلى آخر ما أفاده فيها. ووجهه واضح ، من جهة أنّ العلم وإن كان طريقاً إلى متعلّقه ، إلاّ أنه بالنسبة إلى تنجّز متعلّقه يكون علّة وموضوعاً ، فيستحيل تقدّم التنجّز عليه ، فلو تعلّق العلم بنجاسة الثوب كان تنجّز أحكام نجاسته متأخّراً عن العلم بها ، وإن كانت تلك النجاسة معلولة لنجاسة الاناء الذي هو الملاقى ـ بالفتح ـ ، المفروض سبقها على العلم بنجاسة الثوب ، فلا يكون المدار في التنجّز على سبق المعلوم كما ربما يظهر من التحرير عن شيخنا قدسسره (٢) ، بل المدار في التنجّز على سبق العلم.
وقال شيخنا قدسسره فيما حرّرته عنه في مقدّمة الكلام على صور تلف الملاقى ـ بالفتح ـ وأنّ الملاقي ـ بالكسر ـ يقوم مقامه : وتنقيح الحكم في هذه الأقسام الثلاثة يتوقّف على تمهيد مقدّمة ، وهي أنّ العلم وإن كان طريقاً للأحكام
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٢٤٨.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٨٦ ـ ٨٧.