وبالجملة : لا أتخطّر فعلاً مثالاً يتعيّن كون الحكم فيه من قبيل السراية من أحد الموضوعين إلى الآخر ، بحيث يكون أشبه شيء بالعدوى ، بل إنّ شيخنا الأُستاذ قدسسره (١) جعل السراية في ملاقي النجس من قبيل اتّساع دائرة النجس الملاقى ، بل إنّ السراية الحقيقية التي هي من قبيل العدوى لا تكون إلاّمن قبيل الموضوع الجديد.
ثمّ إنّ تنزيل حرمة الأُصول والحواشي والفروع بالنسبة إلى حرمة الأُمّ على السراية والاتّساع سيأتي (٢) إن شاء الله تعالى أنّه في غاية البعد ، وأنّه ينبغي الجزم بعدمه ، فإنّ ضابط الاتّساع والسراية هو أن يكون حرمة التابع فيها مستفاداً من دليل الحرمة في أصله ، ومن الواضح أنّ حرمة الأُصول والحواشي والفروع لا تكون مستفادة من دليل حرمة الأُمّ ، بحيث إنّا لو خلّينا نحن وقوله تعالى ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ )(٣) لكانت هذه الجملة الشريفة وحدها دليلاً على حرمة الجدّة للأُمّ والخالة والأُخت ، كما يستفاد حرمة ثمرة الشجرة المغصوبة من حرمة نفس الشجرة وغصبها.
وعلى أيّ حال فإنّ هذين النحوين لو وقع المتبوع فيهما طرفاً للعلم الاجمالي يكون مؤثّراً في ناحية التابع ، ويوجب الاجتناب عنه.
والأولى أن يقال : إنّ الأوّل من قبيل اتّساع الفرد ، والثاني من قبيل اتّساع الأفراد تحت عنوان واحد ، والثالث من قبيل الاتّساع في العناوين المتعدّدة ، أعني عناوين النسب مثلاً.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٧.
(٢) في الصفحة : ١٩ وما بعدها.
(٣) النساء ٤ : ٢٣.