النحو الثالث : أن لا يكون من قبيل اتّساع الموضوع ولا من قبيل السراية ، بل يكون موضوعاً جديداً محكوماً بحكم جديد ، غايته أنّه قد يكون الحكم فيه من سنخ الحكم في المتبوع ، وربما كان مخالفاً له ، كما في وجوب الغسل على من مسّ الميّت المفروض أنّ حكمه النجاسة لكونه ميتة ، ووجوب الحدّ على من شرب الخمر ، لكن في جميع ما كان من هذا القبيل لا يكون المتبوع أجنبياً عن حكم التابع ، بل يكون له المدخلية فيه على نحو يكون جزء الموضوع ، غايته تارةً يكون تحقّق ذلك المتبوع والتابع كافيين في تحقّق الحكم في التابع ، كما في وجوب الغسل على من مسّ الميّت ، وأُخرى يكون متوقّفاً على جهة أُخرى مثل العلم كما في وجوب الحدّ ، فإنّه لا يكفي فيه مجرّد تحقّق الخمرية وشربها ، بل لابدّ فيه أن يكون الشرب عن علم وعمد.
أمّا علم الحاكم فالظاهر أنّه أيضاً له المدخلية في الموضوع ، وإلاّ لكان علمه الاجمالي بأنّ أحد الشخصين قد ارتكب ما يوجب الحدّ موجباً لزوم الاحتياط ، فتأمّل.
ثمّ إنّ ما للعلم مدخلية فيه يكون دائراً مداره ، فلو كان حين الشرب مجهولاً أو مشكوك الخمرية ، لكن علم به بعد ذلك ، لم يكن له أثر في وجوب الحدّ ، بخلاف القسم الأوّل الذي يكفي فيه مجرّد تحقّق المتبوع والتابع ، فإنّه لو مسّ الميّت جاهلاً بكونه ميتاً ثمّ علم بعد ذلك وجب عليه الغسل بلا إشكال على الظاهر. وعلى أيّ حال فإنّ المتبوع في هذا النحو لو وقع طرفاً للعلم الاجمالي لم يكن ذلك مؤثّراً في تنجيز حكم التابع ، لما عرفت من كونه حكماً جديداً على موضوع جديد ، هذا في القسم الأوّل.
أمّا الثاني فلا ريب فيه في عدم تحقّق موضوع الحكم في التابع ، لما عرفت