كنتم من الحر والقر تفرون فأنتم والله من السيف أفر.
يا أشباه الرجال ولا رجال حلوم الأطفال وعقول ربات الحجال لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم معرفة والله جرت ندما وأعقبت ذما قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحا وشحنتم صدري غيظا وجرعتموني نغب التهمام أنفاسا وأفسدتم علي رأيي بالعصيان
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « ولا رجال » كلمة « لا » لنفي الجنس والخبر محذوف أي موجود فيكم ، أو مطلقا ، والحلوم كالأحلام جمع حلم بالكسر وهو الأناءة والتثبت في الأمور ، وقيل : والعقل أيضا ، و « رب الشيء » صاحبه ومالكه ومستحقه ، ويحتمل أن يكون هنا بمعنى المربوبية و « الحجال » جمع حجلة محركة وهي بيت مزين بالثياب والستور للعروس ، وأما الحجل بمعنى الخلخال فجمعه أحجال وحجول.
وقوله عليهالسلام : « وددت » كعلمت أي تمنيت.
قوله عليهالسلام : « وأعقبت ذما » في أكثر نسخ النهج سدما وهو بالتحريك الهم أو مع ندم أو غيظا و « قاتلكم الله » مجاز عن اللعن والإبعاد والابتلاء بالعذاب فإن المقاتلة لا تكون إلا لعداوة بالغة و « القيح » ما يكون في القرحة من صديدها ما لم يخالطه دم ، أي قرحتم قلبي حتى امتلأت من القيح الغيظ وهو كناية عن شدة التألم ، « وشحنت السفينة » ملأتها ، و « جرعتموني » أي سقيتموني الجرع ، والجرعة بالضم الاسم من الحسو ، والشرب اليسير وبالفتح المرة منه و « النغب » جمع نغبة وهي كالجرعة بالضم لفظا ومعنى مفردا وجمعا و « التهمام » الهم ويفيد هذا الوزن المبالغة في مصدر الثلاثي كالتلعاب والترداد والتاء مفتوح في هذا البناء إلا في التبيان والتلقاء ولم تجيء تفعال بالكسر إلا ستة عشر اسما منهما المصدر أن « وأنفاسا » أي جرعة بعد جرعة وهي جمع نفس بالتحريك وهو الجرعة.
وقال الجوهري : قول الشاعر « عيني جودا عبرة أنفاسا » أي ساعة بعد ساعة (١).
قوله عليهالسلام : « وأفسدتم » أي لما تركتم نصرتي وعصيتم أمري : فسد ما دبرته
__________________
(١) الصحاح للجوهري : ج ٣ ص ٩٨٤.