عن سليمان بن داود المنقري ، عن فضيل بن عياض قال سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الجهاد سنة أم فريضة فقال الجهاد على أربعة أوجه فجهادان فرض وجهاد سنة لا يقام إلا مع الفرض فأما أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي الله عز وجل وهو من أعظم الجهاد ومجاهدة « الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ » فرض وأما الجهاد الذي هو سنة لا يقام إلا مع فرض فإن مجاهدة العدو فرض على جميع الأمة ولو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب وهذا هو من عذاب الأمة وهو سنة على الإمام وحده أن يأتي العدو مع الأمة فيجاهدهم وأما الجهاد الذي هو سنة فكل سنة أقامها الرجل وجاهد في إقامتها وبلوغها وإحيائها فالعمل والسعي فيها من أفضل
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « على أربعة أوجه » لعل المراد بالثاني ما إذا صار الجهاد على طائفة واجبا عينيا بأن يهجم عليهم العدو ، وبالثالث الجهاد الذي هو واجب كفائي على الأمة وعلى كل فرد بخصوصه سنة عينيا فهو سنة لا يقام إلا مع الفرض أي يتحقق في صحته الفرض بالكفائي فذكر الإمام عليهالسلام على المثال ، ويحتمل أن يكون الفرض بيان أنه لا يتوهم معاقبة الإمام عند ترك الجهاد مع عدم الأعوان بأن يقال : إنه أيضا فمن كان يجب عليه فيعاقب بترك الأمة فأجاب عليهالسلام بأنه لا يجب على الإمام أن يجاهد بنفسه إنما عليه أن يدعو الناس إلى الجهاد ويبعثهم مع قبولهم ذلك فإذا لم يقبلوا فلا إثم عليه وإذا قبلوا فلا يجب عليه الحضور بنفسه بل هو سنة عليه فإذا حضر كان سنة يقام مع فرض الأمة ، ويحتمل أن يكون الغرض بيان الفرق بين جهاد النبي وجهاد الإمام بأن يكون المراد بالأول مجاهدة النبي صلىاللهعليهوآله حيث كان الخطاب في الآية متوجها إليه فإنه صلىاللهعليهوآله كان مكلفا بالجهاد وإن لم يعاونه أحد كما ورد في ذلك أخبار كثيرة في تأويل قوله تعالى : « لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ » (١) وأما جهاد الإمام عليهالسلام فهو مشروط باجتماع الأمة عليه ومعاونتهم له فهو سنة مشروط بما فرض على الأمة من معاونته والاجتماع عليه فلا إثم عليه لو تركوا ذلك ، وفي التهذيب هكذا : وهو سنة عليه وحده أن يأتي العدو فيكون
__________________
(١) سورة النساء : الآية ٨٤.