وجل على رسوله « التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ » ففسر النبي صلىاللهعليهوآله المجاهدين من المؤمنين الذين هذه صفتهم وحليتهم بالشهادة والجنة وقال « التَّائِبُونَ » من الذنوب « الْعابِدُونَ » الذين لا يعبدون إلا الله ولا يشركون به شيئا « الْحامِدُونَ » الذين يحمدون الله على كل حال في الشدة والرخاء « السَّائِحُونَ » وهم الصائمون « الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ » الذين يواظبون على الصلوات الخمس والحافظون لها والمحافظون عليها بركوعها وسجودها وفي الخشوع فيها وفي أوقاتها « الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ » بعد ذلك والعاملون به « وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ » والمنتهون عنه قال فبشر من قتل وهو قائم بهذه الشروط بالشهادة والجنة ثم أخبر تبارك وتعالى أنه لم يأمر بالقتال إلا أصحاب هذه الشروط فقال عز وجل « أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ ».
وذلك أن جميع ما بين السماء والأرض لله عز وجل ولرسوله ولأتباعهما من المؤمنين من أهل هذه الصفة فما كان من الدنيا في أيدي المشركين والكفار والظلمة والفجار من أهل الخلاف لرسول الله صلىاللهعليهوآله والمولي عن طاعتهما مما كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات وغلبوهم عليه مما « أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ » فهو حقهم أفاء الله
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « وهم الصائمون » قال في النهاية : فيه لا سياحة في الإسلام يقال : ساح في الأرض يسيح سياحة إذا ذهب فيها (١) ومنه الحديث « سياحة هذه الأمة الصيام » قيل : للصائم سائح لأن الذي يسيح في الأرض متعبدا يسيح ولا زاد له ولا ماء فحين يجد يطعم والصائم يمضي نهاره لا يأكل ولا يشرب شيئا فشبه به (٢).
قوله عليهالسلام : « وذلك أن جميع ما بين السماء » أي مظلوميتهم أو خروجهم من ديارهم بغير حق لأن جميع الدنيا للمؤمنين وخلقها الله لهم وقوله « مِمَّا أَفاءَ اللهُ »
__________________
(١) النهاية لابن الأثير : ج ٢ ص ٤٣٢.
(٢) النهاية لابن الأثير : ج ٢ ص ٤٣٣.