فقد خالفت رسول الله صلىاللهعليهوآله في سيرته بيني وبينك فقهاء أهل المدينة ومشيختهم فاسألهم فإنهم لا يختلفون ولا يتنازعون في أن رسول الله صلىاللهعليهوآله إنما صالح الأعراب على أن يدعهم في ديارهم ولا يهاجروا على إن دهمه من عدوه دهم أن يستنفرهم فيقاتل بهم وليس لهم في الغنيمة نصيب وأنت تقول بين جميعهم فقد خالفت رسول الله صلىاللهعليهوآله في كل ما قلت في سيرته في المشركين ومع هذا ما تقول في الصدقة فقرأ عليه الآية « إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها » إلى آخر الآية قال نعم فكيف تقسمها قال أقسمها على ثمانية أجزاء فأعطي كل جزء من الثمانية جزءا قال وإن كان صنف منهم عشرة آلاف وصنف منهم رجلا واحدا أو رجلين أو ثلاثة جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة آلاف قال نعم قال وتجمع صدقات أهل الحضر وأهل البوادي فتجعلهم فيها سواء قال نعم قال فقد خالفت رسول الله صلىاللهعليهوآله في كل ما قلت في سيرته كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يقسم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر ولا يقسمه بينهم بالسوية وإنما يقسمه على قدر ما يحضره منهم وما يرى وليس عليه في ذلك شيء موقت موظف وإنما يصنع ذلك بما يرى على قدر من يحضره منهم فإن كان في نفسك مما قلت شيء فالق فقهاء أهل المدينة فإنهم لا يختلفون في أن رسول الله صلىاللهعليهوآله كذا كان يصنع.
ثم أقبل على عمرو بن عبيد فقال له اتق الله وأنتم أيها الرهط فاتقوا الله فإن أبي حدثني وكان خير أهل الأرض وأعلمهم بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلىاللهعليهوآله أن رسول
______________________________________________________
صلىاللهعليهوآله مع عموم آيات جهاد الكفار وخرج أهل الكتاب بالآية والأخبار فبقي الباقي.
قوله عليهالسلام : « على أن دهمه » يقال دهمه كسمع ومنع غشيه و « الدهماء » العدد الكثير وجماعة الناس ذكره الفيروزآبادي (١).
وقال الجزري : الدهم : العدد الكثير ، وفي الحديث « قبل أن يدهمك الناس » أي يكثروا عليك ويفجأوك (٢) و « الاستنفار » طلب النفور وفي بعض النسخ [ يستفزه ].
__________________
(١) القاموس المحيط : ج ٤ ص ١١٥.
(٢) النهاية لابن الأثير : ج ٢ ص ١٤٥.