فإنه أنبأ للسيوف على الهام والتووا على أطراف الرماح فإنه أمور للأسنة وغضوا الأبصار فإنه أربط للجأش وأسكن للقلوب وأميتوا الأصوات فإنه أطرد للفشل وأولى بالوقار ولا تميلوا براياتكم ولا تزيلوها ولا تجعلوها إلا مع شجعانكم فإن المانع للذمار والصابر عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ ولا تمثلوا بقتيل وإذا وصلتم إلى رجال
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « والتووا » في القاموس تلوى انعطف كالتوى (١) ، والمور : التحرك ، والاضطراب أي إذا وصلت إليكم أطراف الرماح فانعطفوا ليزلق ويتحرك فلا ينفذ ، وحمله ابن ميثم على الالتواء عند إرسال الرمح إلى العدو بأن يميل صدره ويده فإن ذلك أنفذ ، وهو بعيد.
قوله عليهالسلام : « وغضوا الأبصار » أمرهم بذلك لئلا يروا ما يهولهم وبإماتة الأصوات ، لأنه علامة الشجاعة. والجبان : يصيح ويرعد ويبرق.
وقال الجوهري : الجأش جاش القلب ، وهو رواعه إذا اضطرب عند الفزع.
يقال : فلان رابط الجأش أي يربط نفسه عن الفرار لشجاعته (٢).
قوله عليهالسلام : « ولا تميلوا براياتكم » في النهج هكذا : ورأيتكم فلا تميلوها ولا تخلوها ولا تجعلوها إلا بأيدي شجعانكم ، والمانعين الذمار منكم فإن الصابرين على نزول الحقائق هم الذين يحفون براياتهم ويكتنفونها حفا فيها ورائها إلى آخر ،
قال الجوهري : قولهم فلان حامي الذمار أي إذا ذمر وغضب حمأ ، ويقال : الذمار ما وراء الرجل مما يحق عليه أن يحميه لأنهم قالوا حامي الذمار كما قالوا حامي الحقيقة وسمي ذمارا لأنه يجب على أهله التذمر له وسميت حقيقة لأنه يحق على أهله الدفع عنها انتهى (٣).
فالأظهر أن الحقائق هنا جمع الحقيقة بمعنى ما يحق للرجل أن يحميه ، و
__________________
(١) القاموس المحيط : ج ٤ ص ٣٨٧.
(٢) الصحاح للجوهري : ج ٣ ص ٩٩٧.
(٣) الصحاح للجوهري : ج ٦ ص ٢٣٢٠.