براياتهم ويكتنفونها ويصيرون حفافيها ووراءها وأمامها ولا يضيعونها لا يتأخرون عنها فيسلموها ولا يتقدمون عليها فيفردوها رحم الله امرأ واسى أخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع قرنه وقرن أخيه فيكتسب بذلك اللائمة ويأتي بدناءة وكيف لا يكون كذلك وهو يقاتل الاثنين وهذا ممسك يده قد خلى قرنه على أخيه هاربا منه ينظر إليه وهذا فمن يفعله يمقته الله فلا تعرضوا لمقت الله عز وجل فإنما ممركم إلى الله وقد قال الله عزوجل « لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً » وايم الله لئن فررتم من سيوف العاجلة لا تسلمون من سيوف الآجلة فاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصدق فإنما ينزل النصر بعد الصبر فجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ ولا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ.
وقال عليهالسلام حين مر براية لأهل الشام أصحابها لا يزولون عن مواضعهم فقال عليهالسلام إنهم لن يزولوا عن مواقفهم دون طعن دراك يخرج منه النسيم وضرب يفلق الهام و
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « ويكتنفونها » في النهج ويكتفونها حفا فيها بدون لفظ ويصبرون وعلى تقدير وجوده فيحتمل أن يكون ، ويصرون من الإصرار.
وقال في الصحاح : أصررت على الشيء أي أقمت ودمت (١).
وحفافا : الشيء بالكسر : جانباه ، والمراد هنا اليمين واليسار.
وفي بعض النسخ النهج : بدون الواو فهما الوراء والإمام.
وفي النهج : مكان لا تسلمون « لا تسلموا ».
قوله عليهالسلام : « من سيوف الأجلة » سمي عقاب الله على فرارهم وتخاذلهم سيفا على الاستعارة ومجاز المشاكلة.
قوله عليهالسلام « دراك » قال ابن ميثم : أي متتابع يتلو بعضه بعضا ، وقال يخرج منه النسيم أي لسعته ، وروي يخرج منه النسم أي طعن يخرق الجوف بحيث يتنفس المطعون من الطعنة ، وروي القشم بالقاف والسين المعجمة ، وهو اللحم والشحم ، وهو بعيد انتهى.
__________________
(١) الصحاح للجوهري : ج ٢ ص ٧١١.