عن مصافهم كما أزالوكم وأنتم تضربونهم بالسيوف حتى ركب أولهم آخرهم كالإبل المطرودة الهيم الآن فاصبروا نزلت عليكم السكينة وثبتكم الله باليقين وليعلم المنهزم بأنه مسخط ربه وموبق نفسه إن في الفرار موجدة الله والذل اللازم والعار الباقي وفساد العيش عليه وإن الفار لغير مزيد في عمره ولا محجوز بينه وبين يومه ولا يرضى ربه ولموت الرجل محقا قبل إتيان هذه الخصال خير من الرضا بالتلبيس بها والإقرار عليها.
وفي كلام له آخر وإذا لقيتم هؤلاء القوم غدا فلا تقاتلوهم حتى يقاتلوكم فإذا بدءوا بكم فانهدوا إليهم وعليكم السكينة والوقار وعضوا على الأضراس فإنه أنبأ للسيوف عن الهام وغضوا الأبصار ومدوا جباه الخيول ووجوه الرجال وأقلوا الكلام فإنه أطرد للفشل وأذهب بالوهل ووطنوا أنفسكم على المبارزة والمنازلة والمجادلة واثبتوا واذكروا الله عز وجل كثيرا فإن المانع للذمار عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ الذين يحفون براياتهم ويضربون حافتيها وأمامها وإذا حملتم فافعلوا فعل رجل واحد وعليكم
______________________________________________________
وفي النهج ولقد شفى وحاوح صدري : أي حرقها وحرارتها ، والحوز : الجمع ، والسوق : اللين.
قوله عليهالسلام : « كالإبل المطرودة » شبههم في ركوب بعضهم لبعض مولين بالإبل العطاش التي اجتمعت على الحياض لتشرب ، ثم طردت ورميت عنها بالسهام ، فإن طردها على ذلك الاجتماع يوجب لها أن يركب بعضها بعضا ويقع بعضها على بعض ، والموجدة : الغضب.
قوله عليهالسلام : « والعار الباقي » أي في الأعقاب أوله بين الناس ، ويوم أجله المقدر لموته.
وقال الفيروزآبادي : نهد الرجل : نهض ، ولعدوه صمد لهم (١).
قوله عليهالسلام : « ومدوا » لعل المراد بهما تسوية الصفوف وإقامتها راكبين وراجلين ، أو كناية عن تحريكها وتوجيهها إلى جانب العدو ، والوهل : الضعف والفزع.
__________________
(١) القاموس المحيط : ج ١ ص ٣٤٢.