رأيت أبا عبد الله عليهالسلام رمى جمرة العقبة وانصرف فمشيت بين يديه كالمطرق له فإذا رجل أصفر عمركي قد أدخل عودة في الأرض شبه السابح وربطه إلى فسطاطه والناس وقوف لا يقدرون على أن يمروا فقال له أبو عبد الله عليهالسلام يا هذا اتق الله فإن هذا الذي تصنعه ليس لك قال فقال له العمركي أما تستطيع أن تذهب إلى عملك لا يزال المكلف الذي لا يدرى من هو يجيئني فيقول يا هذا اتق الله قال فرفع أبو عبد الله عليهالسلام بخطام بعير له مقطورا فطأطأ رأسه فمضى وتركه العمركي الأسود.
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « كالمطرق » أي الذي يمشي بين يدي الدابة ليفتح الطريق ، هو اسم الفاعل من بناء التفعيل ، والعمركي لعله نسبة إلى وبلد ، ولا يبعد أن يكون تصحيف العركي بحذف الميم.
قال في النهاية : العروك : جمع عرك بالتحريك ، وهم الذين يصيدون السمك ومنه الحديث « إن العركي سأله عن الطهور بماء البحر » العركي بالتشديد : واحد العرك ، كعربي وعرب (١) انتهى.
قوله عليهالسلام : « شبه السابح » في أكثر النسخ بالباء الموحدة والحاء المهملة ولعل المعنى شبه عود ينصبه السابح في الأرض ويشد به خيطا يأخذه بيده لئلا يغرق في الماء ولا يبعد عندي أن يكون تصحيف السالخ باللام والخاء المعجمة وهو الأسود من الحيات بقرينة قوله في آخر الخبر : « العمركي الأسود » وقيل : هو بالشين المعجمة والحاء المهملة بمعنى الغيور.
قوله عليهالسلام : « المكلف » الظاهر المتكلف كما في بعض النسخ أي المتعرض لما لا يعنيه ولعل المكلف على تقديره على بناء المفعول بهذا المعنى أيضا أي الذي يكلفه نفسه للمشاق ، أو على بناء الفاعل أي يكلف الناس على ما يشق عليهم « ولا يدري » على بناء المجهول و « المفطور » من القطار أي رفع عليهالسلام زمام بعيره للرجل قطرة ومضى تحته مطأطئا رأسه ولم يتعرض لجواب الشقي ، ثم في بعض النسخ رجل أصفر
__________________
(١) النهاية لابن الأثير : ج ٣ ص ٢٢٢ ،.