فنرى في هذا الحديث أنَّ عمر يستعملُ لفظَ ( البِدعة ) في مورد الذم بنظره ، إلاّ أنَّ أميرَ المؤمنين عليهالسلام يبيِّنُ له أنَّ هذا العمل ليس ببِدعة كما يتصور ، وإنَّما هو من صميم السُنَّة ، فيعتذرُ لأجل ذلك ، وينسحبُ عمّا تفوه به من كلام.
* روى ( البخاري ) عن ( مجاهد ) أنَّه قالَ :
|
( دخلتُ أنا وعروةُ بنُ الزبير المسجدَ ، فإذا عبدُ اللّه بن عمر جالسٌ إلى حجرة عائشة ، وإذا أُناسٌ يصلّون في المسجد صلاةَ الضحى ، قالَ : فسألناه عن صلاتهم ، فقالَ : ـ بِدعة ) (١). |
وقالَ ( ابن حجر ) في ( فتح الباري ) بصدد عدد الأقوال الواردة في ( صلاة الضحى ) ، وهي ستة :
|
( السادس : إنَّها بِدعة ، صحَّ ذلك من رواية عروة عن ابن عمر ، وسئُلَ أنس عن صلاة الضحى ، فقالَ : الصلوات خمس ، وعن أبي بكرة أنَّه رأى ناساً يصلّون الضحى فقالَ : ـ ما صلاها رسولُ اللّه ، ولا عامةُ أصحابه ) (٢). |
وهذا يدلُّ أنَّ الاستعمال كانَ في موردَ الذم ، وأنَّه في خصوص الأمر الذي يُدخل إلى الدين من دون أنْ يستندَ إلى أصلٍ شرعي ، من خلال إطلاق لفظ ( البِدعة ) في كلام ( عبد اللّه بن عمر ).
قالَ ( الشاطبي ) في ( الاعتصام ) : وخرَّج ( أبو داود ) وغيرُه عن ( معاذ بن جبل ) ( رضيَ اللهُ عنه ) أنَّه قالَ يوماً :
__________________
(١) البخاري ، صحيح البخاري ، ج : ٢ ، كتاب الحج ، باب : العمرة ، ح : ٤ ، ص : ١٩٨ ـ ١٩٩.
(٢) العسقلاني ، ابن حجر ، فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، ج : ٣ ، ص : ٥٥.