إن ارتكابَ البدع المحرّمة ، والسيرَ في طريق الضلالة ، والابتعادَ عن السُنَّة النبوية الشريفة ، والمحجةِ الإسلامية الغراء ، لهو أكثرُ خطراً من تعرضِ الإنسان للوحوش الضارية ، بل لا مقايسةَ بين الحالتين ، إذ أنَّ مثلَ هذا العمل الذي يجتهدُ فيه الإنسانُ في مقابل قول اللهِ ورسولهِ لا يزيدُ صاحبَه إلا بُعداً عن اللهِ ( جَلَّ وعَلا ) ، ولا يؤدي به إلاّ إلى عذاب الله ، وعقوبته ، ونكاله ، وجحيمه.
إنَّ إدراكَ الإنسان لمصلحة معينة في فعلٍ معينٍ لا يمكنُ أن تبيحَ له اختراقَ حصانة التشريع الإسلامي ، وتجاوز خطوطه التوقيفية الحمراء.
ولذلك نرى أنَّ الأثر السيّئَ لصاحب ( البدعة ) لا ينحصرُ في نطاق شخص صاحبه ، وحياتهِ الخاصة ، وإنَّما يتعدى ذلك إلى الحياة الاجتماعية العامة ، فيؤثرُ فيها سلباً ، ويعرقلُ حركتَها ، ويشوِّه معالمَها ، نتيجةَ الدسِّ ، والتحميلِ ، والافتراء ، ووضع العقباتِ أمامَ القانونِ الإلهي من أن يأخذ مساره الطبيعي في توجيه الفرد والمجتمع ، والوصول بالبشرية إلى حيثُ السعادةُ والكمالُ.
وقد تمَّ التاكيدُ من هذا الباب على إغلاق بابِ التوبة في وجهِ المبتدع ، وأنَّ أعمالَ البرِّ لا تُقبل منه ، وأنَّه يحمل وزرَه ووزرَ مِن عمل ببدعته ، كما قال ( جَلَّ وعَلا ) :
|
( لِيَحمِلوا أوزارَهم كَامِلةً يَومَ القِيامَةِ وَمِن أوزارِ الذِينَ يُضلونَهُم بِغَيرِ عِلمٍ ) (١). |
وجاءَ في الحديث عن رسول اللّه ( صَلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسَلَّمَ ) أنَّه قالَ :
|
( ومن ابتدعَ بدعةَ ضلالةٍ لا تُرضي اللّهَ ورسولَهُ كانَ عليهِ مثلُ آثام مَن عملَ بها لا ينقصُ ذلك من أوزارِ الناس شيئاً ) (٢). |
وعنه ( صَلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسَلَّمَ ) أنَّه قالَ :
|
( إنَّ اللهَ احتجرَ التوبةَ على صاحبِ كلِّ بدعة ) (١). |
__________________
(١) النحل / ٢٥.
(٢) الشاطبي ، أبو اسحاق ، الاعتصام ، ج : ١ ، ص : ١٢٢.