إلى غير ذلك من الأحاديثِ المشابهة (١).
وقد جاءَ في بعض ألفاظ حديث ( سُنَّة الخلفاء الراشدين ) ما نصه :
|
( فإنّما المؤمن كالجمل الأنف ، حيثما انقيد انقاد ) (٢). |
فهذه الروايةُ الأخيرة تجعلُ المؤمنَ الذي يُراد له أن يكونَ مستخلفاً على هذهِ الأرض ، ووارثاً لها ، كالجمل الذلول ، الذي لا يملكُ من أمرِه شيئاً ، ولا يجدُ دونَ الانصياع والانقياد بُدّاً!!
وفي اعتقادنا أنَّ هذا مؤشرٌ آخر يؤيدُ ما ذكرناه من احتمال الوضع في بعض فصول الحديثِ على أقل تقدير ، إذ أنَّ من الاستحالة بمكانٍ أنْ يتفوَّه رسولُ اللّهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذا اللون من الأحاديث ، التي تأمرُ بالسمعِ والطاعةِ لكلِّ حاكمٍ وأمير؛ لأنَّ في ذلك هدماً واضحاً لدعائمِ الدين ، وخلافاً صريحاً لجميع أُسسه ومبادئه ، وتقويضاً من رأس لمرتكزاته وأركانه ، فكيفَ يمكنُ أنْ توضعَ مقاليدُ الحكم طوعاً بيد
__________________
(١) فقد ورُويَ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم في ( صحيح البخاري ) : ( مَن رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر ، فإنَّه ليس أحدٌ يفارق الجماعةَ شبراً فيموت ، إلا ماتَ ميتة جاهلية ) : البخاري ، صحيح البخاري ، ج : ٨ ، كتاب الأحكام ، باب : السمع والطاعة للإمام ، ح : ٢ ، ص : ١٠٥.
ورُويَ في ( صحيح مسلم ) عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنَّه قالَ : ( يكونُ بعدي أئمةٌ لا يهتدونَ بهداي ، ولا يستنونَ بسُنتَّي ، وسيقومُ فيهم رجالٌ ، قلوبهُم قلوبُ الشياطين في جثمانِ إنس ، قال الراوي : كيف أصنعُ يا رسولَ اللّه إنْ أدركتُ ذلك؟ قالَ : تَسمعُ وتطيعُ للأمير ، وانْ ضرب ظهرك ، وأخذ مالك ، فاسمع وأطع ) : مسلم ، صحيح مسلم بشرح النووي ، ج : ١٢ ، ص : ٢٣٨.
ورُويَ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( فإنَّ من طاعة اللّهِ أن تطيعوني ، ومن طاعتي أن تطيعوا أُمراءَكم ، وإن صلّوا قعوداً صلّوا قعوداً ) : علاء الدين الهندي ، كنز العمال ، ج : ٥ ، ح : ١٤٣٧٤ ، ص : ٧٨٢.
ورُويَ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( اسمعوا وأطيعوا فإنّما عليهم ما حُمِّلوا وعليكم ما حُمِّلتُم ) : مسلم ، صحيح مسلم بشرح النووي ، ج : ١٢ ، ص : ٢٢٦ ، وكنز العمال للهندي ، ج : ٦ ، ح : ٤٧٩٦ ، ص : ٤٩.
ورُويَ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( صلّوا خلفَ كلِّ بَرٍّ وفاجر ، وصلّوا على كلِّ بَرٍّ وفاجر ، وجاهدوا مَعَ كلِّ بَرٍّ وفاجر ) : علاء الدين الهندي ، كنز العمال ، كنز العمال ، ج : ٦ ، ص : ٥٤ ، ح : ١٤٨١٥.
(٢) ابن حنبل ، أحمد ، مسند أحمد بن حنبل ، ج : ٤ ، ح : ١٦٦٩٢ ، ص : ١٢٦.