المتجبرينَ الذين كافحت الأديانُ والرسالاتُ السماوية في سبيلِ استئصالهم ، وقلع وجودهم من الجذور؟
وما معنى إقامة العدل ، والحكم به ، الذي أمرت الشريعةُ به بشكلٍ صريح ، وحذَّرت من مخالفته؟
وما هي فائدةُ الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر؟ وما معنى كلمةِ الحق عندَ سلطانٍ جائر؟ وما المغزى من حرمة معونة الظالمين ولو بشقِّ كلمة؟
جاءَ في ( الجامع الصحيح ) عن رسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنَّه قالَ :
|
( مَن رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فان لم يستطع فبلسانه ، فان لم يستطع فبقلبه وذلك أضعفُ الإيمان ) (١). |
وجاءَ في ( التاج الجامع للأصول ) :
|
( عن طارق بن شهاب رضي اللّه عنه ، أنَّ رجلاً سأل النبي صَلّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ ، وقد وَضَع رجله في الغرز : أي الجهاد أفضل؟ قالَ : كلمة حقٍّ عند سلطانٍ جائر ) (٢). |
وجاءَ في ( كنز العمال ) :
|
( أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطانٍ جائر ) (٣). |
ومما يثيرُ فيكَ العجب أنَّ نفسَ هؤلاءِ الذين يروون أحاديثَ السمعِ والطاعة للبرِّ والفاجر ، يروونَ أيضاً عن رسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ما يناقضُ هذا الأمرَ تماماً ، ويعقِّبُ شرّاحُ الحديث بعد ذلك بقولهم ( واللّه تعالى أعلم ) ، ولا يكلِّفونَ أنفسَهم برفعِ هذا التهافت ، الذي أصبح مثاراً للجدال ، وبلاءً على الأجيال.
__________________
(١) ابن مسلم ، الجامع الصحيح ، ج : ١ ، ص : ٥٠ ، وكنز العمال للهندي ، ج : ٣ ، ح : ٥٥٢٤ ، ص : ٦٦.
(٢) ابن مسلم ، الجامع الصحيح ، ج : ١ ، ص : ٥٠ ، وكنز العمال للهندي ، ج : ٣ ، ح : ٥٥٢٤ ، ص : ٦٦.
(٣) المتقي الهندي ، علاء الدين ، كنز العمال ، ج : ٣ ، ح : ٥٥١١ ، ص : ٦٤.