* ما وردَ من الأخبار المقطوعة التي دلَّت على تأخّر أمير المؤمنين علي عليهالسلام عن بيعة ( أبي بكر ) ، وأنَّه لم يبايعه إلاّ مكرهاً مجبراً ، فلو أنَّ رسولَ اللّهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد نصَّ على وجوب اتباع سُنَّة الخلفاءِ الأربعة على ما يُدَّعى استفادتُه من حديث ( سُنَّة الخلفاءِ الراشدين ) ، لم يكن من الحري بأمير المؤمنين علي ( عَليهِ السلام ) أنْ يتأخرَ عن الإقدام لبيعة ( أبي بكر ) ، وهو الذي يُفترض أنْ يكونَ أولَ المجسدين لاتّباع هذا الحديث ، باعتبار أنَّ مدرسة الخلفاء تجعلُه من ضمن مفرداته ، وأحد الخلفاء المعنيينَ به.
فتأخرُ أمير المؤمنين علي عليهالسلام عن بيعة ( أبي بكر ) ، ومبايعته أخيراً على نحو الإكراه من أجل حفظ مصلحة الإسلام العليا ، دليلٌ آخر على عدم قبوله لسُنَّته ، وبالتالي وقوع التضارب والاختلاف الذي يتنافى مَعَ إرادةِ سنتيهما معاً.
جاءَ في ( شرح نهج البلاغة ) :
|
( ثم ينبغي للعاقل أن يفكّر في تأخّر علي عَليهِ السلامُ عن بيعة أبي بكر ستة أشهر إلى أن ماتت فاطمة ، فإن كان مصيباً فأبو بكر على الخطأ في انتصابه في الخلافة ، وإن كان أبو بكر مصيباً فعليٌّ على الخطأ في تأخره عن البيعة وحضور المسجد ) (١). |
ولا نظنُّ أنَّه يخفى على القارئ الكريم حلُّ هذهِ المعادلة ، أو أنَّه يرتابُ في وضوح نتيجتها.
ووردَت أيضاً الوثائق التاريخية لتؤكّدَ عدمَ رغبة أمير المؤمنين علي عليهالسلام في بيعة ( عمر ) و ( عثمان ) ، وأنَّه عليهالسلام قد هُدِّد بالقتل إن لم يبايع ( عثمان ) (٢).
__________________
(١) المعتزلي ، ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ، ج : ٢٠ ، ص : ٢٤.
(٢) فقد جاءَ في شرح نهج البلاغة : ( روى البلاذري في كتابه عن ابن الكلبي ، عن أبيه ، عن أبي مخنف في إسنادٍ له : أنَّ عليّاً عَليهِ السلامُ لما بايع عبدُ الرحمن عثمانَ كانَ قائماً ، فقالَ له عبد الرحمن ، بايع والاّ ضربتُ