الأول : هو العنوان العام الذي يكون مشمولاً بالدليل الشرعي الذي يبرر صدوره من المكلَّف بصورة مشروعة.
الثاني : هو العنوان الخاص الذي أتى به المكلف ، والذي قد يحمل عناوين تفصيلية غير مذكورة في الدليل.
فمن جهة العنوان الأول يمكن نسبة العمل الى الشريعة ، وأمّا من جهة العنوان الثاني فلا يصح نسبة العمل الى الشريعة ، وإذا ما نُسب العمل الى الشريعة كذلك ، فهو يدخل في حيِّز ( الابتداع ) ؛ لأنه إدخال ما ليس من الدين فيه ، وهو ما يُطلق عليه عادةً بـ ( قصد التشريع ).
فمثلاً نجد في الأدلة الشرعية العامة أنَّها تندب المسلمين الى الصيام طيلة أيام السنة ، باستثناء يومي العيدين المحرّم صيامهما بالدليل الخاص ، فلو أنَّ شخصاً صامَ يوماً معيناً غير مشمول بأي دليل معين يذكره على نحو الخصوص ، فقد امتثل ذلك الدليل العام ، واستمد صيامُه لذلك اليوم الشرعيةَ من خلال هذا الدليل ، فيستطيع أن ينسب صيامه الى الشريعة ، ويقول بأنَّ هذا الصيام مستفاد من الشريعة الإسلامية وهو جزء من تعاليمها الثابتة. وأمّا إذا نُسب خصوص العمل الذي مارسه الى الدين ، وقال بأنَّ صيام هذا اليوم بعينه وخصوصياته مطلوب من قبل الشريعة ، في الوقت الذي لا يوجد بشأنه أي دليل خاص؛ فقد قصد التشريع ، ولا يُشك في كونه قد أدخل في الدين ما ليس منه ، إذ انَّ الشريعة لم تطلب صيام ذلك اليوم بعنوانه الخاص ، وإنَّما ندبت الى الصيام بشكل عام.
وهكذا لو اتخذ الإنسان ذكراً ، أو دعاءاً ، أو نسكاً معيناً ، لم يرد به دليل خاص ، ولكنّه يندرج تحت عموميات التشريع ، كأن ألزم نفسه بالاستغفار في كل يوم ، أو بعد كل فريضة ( أربعين مرةً ) مثلاً ، أو بالصلاة عدداً من الركعات تطوعاً للّه مثلاً ، فإن ادّعى أنَّ هذا العمل مطلوب بخصوصه من قبل الشرع ، وقصد نسبته الى الدين بالعنوان