الخاص فهو مبتدع ، وإن كان يأتي به بعنوان الامتثال والجري على مقتضى الأدلة العامة ، فهو داخل في دائرة الندب.
ومن الطبيعي أنَّ كل تلك الممارسات المشروعة والمنسوبة الى الدين عن طريق الدليل العام يجب أن لا تصطدم مَعَ أي عنوان تحريمي آخر ، ولا تكتسب هذا الطابع بأي نحو كان ، وإلا فإنّ التحريم يشملها من هذا الوجه ، كما لو شقَّ الإنسان على نفسه بالعبادة والنوافل والأذكار المشروعة بالدليل العام الى درجة الرهبنة والقسوة بالنفس والإضرار بها ، فإن العمل يخرج بذلك عن نطاقه المشروع ، ويكتسب عناوين ثانوية أخرى.
ونفس الأمر يقال بصدد الأعمال المباحة التي لم يرد فيها دليل خاص أو عام ، فحين يأتي بها المكلف من دون قصد التشريع ، ولا تكتسب عنواناً تحريمياً معيَّناً ، فهي باقية على وضعها الأولي ، وأمّا إذا قصد المكلف نسبتها الى الشريعة ، فإنها تتحول الى ( بدعة ) ؛ لأنه أدخل في الدين ما ليس منه.
ومثال ذلك ما لو نام الشخص في وقت معيَّن من النهار لم يرد بشأنه دليل خاص ، وأدّعى أنَّ هذا الأمر مطلوب بخصوصيته التفصيلية من قبل الشريعة ، أو أكلَ طعاماً معيناً لم يرد بخصوصه دليل شرعي خاص ، وادّعى استحبابه ، أو كراهته ، أو حرمته مثلاً ، ونسبَ ذلك الى التشريع.
والخلاصة أنَّ نسبة العمل الذي لم يرد بشأنه الدليل الخاص الى التشريع بخصوصياته التفصيلية ، والقول بأنَّه مطلوب مَعَ هذهِ الخصوصيات من قبل الشريعة ، يعدّ من ( الابتداع ) ، لأنَّه إدخال لما ليس من الدين فيه. من هنا ندرك أنَّ بعض مَن حاول معالجة موضوع ( الابتداع ) قد خلط بين هذين العنوانين ، وحاول أن يرمي المسلمين بذلك غفلة عن جواز نسبة هذهِ الأمور إلى الدين من جهة الأدلة العامة الشاملة لها ، وأنّ الأمر غير مقتصر على القول بتشريعه من حيث الخصوصيات التفصيلية.