ففي هذه الرواية دلالةٌ صريحةٌ على عملية التسلُّلِ في الخفاء ، التي كانَ يقومُ بها بعضُ الصحابة في ليالي شهر رمضانَ لقطعِ خلوةِ رسولِ اللهِ ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ) مع الله ( جَلَّ وَعَلا ) ، ومن أجلِ الاقتداء القسري بهِ ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ) على أحسنِ التقادير ، أو الصلاة إلى جانبه كما هو ظاهرِ الحديث ، وأنَّه ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ) بمجرد أنْ فطنَ إلى وجودهم خلفه دخلَ رحلَه الخاصَّ به ، ولم يعاود الخروجَ إليهم!!
فماذا يريد المرء أكثرَ دلالةً وبياناً من هذا الفعل الصريح على عدم مشروعيةِ الاقتداءِ في نافلة شهر رمضانَ؟!! بل فهمَ البعضُ أنَّ الإتمام لم يتمَّ أصلاً ، وإنَّما المقصود من قولِ الحديث : ( وجاؤوا يصلّونَ بصلاتِهِ ) أنَّهم يصلّون ( مع صلاته ) ، فهم يصلّونَ فرادى لا جماعةً ، وهذا التفسير مدعومٌ بقولِ ( ابن حجر ) في ( فتح الباري ) :
|
( مقتضاه أنَّهم كانوا يصلّونَ بصلاته وهو داخل الحجرة وهم خارجها ). |
وهو تفسير وجيه ذكره الشيخ ( علي آل محسن ) بقوله :
|
( قوله : يصلّونَ بصلاته ، لا يدلُّ على أنَّهم كانوا يصلّونَ معه جماعةً ، بل كانوا يصلّونَ مع صلاته ، فهم يصلّونَ فرادى ، فالباءُ في صلاتهِ بمعنى ( مع ) ، مثل قولهم : ( بعتُكَ الدارَ بأثاثها ) ، أي : معَ أثاثها؛ لأنَّ صلاة الجماعةِ لا تتمُّ والإمامُ داخلُ الحجرة ، والمأمومونَ خارجها ) (١). |
٣ ـ إنَّ ذلك الإئتمام التطفُّلي ـ على فرضِ حدوثه ـ لم يحصل على ضوء هذه الرواية إلاّ ليلةً واحدةً فقط ، ومن بعدها عالجَ النبيُّ ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ) الموقفَ في الليلة الثانية من دون فصل ، لخطورةِ الأمرِ وفداحته.
__________________
(١) آل محسن ، علي ، مسائل خلافية حارَ فيها أهلُ السُنَّة ، ص : ١٦٦.