وهناك رواياتٌ أخرى ذكرت أنَّ ذلك الأمرَ قد حدثَ لأكثر من ليلةٍ واحدةٍ ، ففي ( صحيح البخاري ) عن ( عائشة ) أنَّها قالَت عن صلاةِ النبي ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ) لنوافل شهر رمضانَ :
|
( صلّى ذاتَ ليلةٍ في المسجد وصلّى بصلاتِهِ ناسٌ ، ثمَّ صلّى من القابلةِ فكثُرَ الناسُ ، ثمَّ اجتمعوا من الليلةِ الثالثةِ أو الرابعة ، فلم يخرجْ إليهم رسولُ اللّهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ) (١). |
وهناك رواياتٌ أخرى قريبةٌ من هذا المضمون أيضاً ، وانْ كانت تختلفُ في عدد الليالي ، وتواليها ، ومواضعِها من شهر رمضانَ ، مما يدعو لعدم الوثوق إلاّ بالقدر المتيقَنِ منها على أحسن التقادير ، وهو حسب رأينا عدمُ تجاوزِ الليالي لأصابع اليدِ الواحدة؛ لأنَّها معضَدةٌ برواياتٍ مشابهة وردَت بطرقٍ معتبرة عن أهل البيت عليهمالسلام ، ولأنَّ أكابرَ علماءِ ( مدرسة الصحابة ) يعتبرونها الشاهدَ الأساسيَّ في المقام.
ومن هذه الروايات ما وردَ في ( صحيح البخاري ) عن ( عائشة ) عن رسولِ اللهِ ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ) أنَّه :
|
( خرجَ ليلةً في جوفِ الليلِ فصلّى في المسجد ، وصلّى رجالٌ بصلاتِهِ ، فأصبحَ الناسُ فتحدّثوا ، فاجتمعَ أكثرَ منهم ، فصلّى وصلّوا معه ، فأصبحَ الناسٌ فتحدّثوا ، فكثُرَ أهلُ المسجدِ من الليلةِ الثالثة ، فخرجَ رسولُ اللّهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ، فصلّى وصلّوا بصلاتِهِ ، فلمّا كانت الليلةُ الرابعةُ عجزَ المسجدُ عن أهلِهِ ، حتّى خرجَ لصلاةِ الصبح ، فلمّا قضى الفجرُ أقبلَ على الناسِ فتشهدَ ، ثمَّ قالَ : أمّا بعدُ ، فإنَّه لم يخفَ عليَّ مكانُكم ، ولكنّي خشيتُ |
__________________
(١) البخاري ، صحيح البخاري ، ج : ٢ ، ص : ٤٩ ، باب : تحريض النبي على صلاة الليل.