|
أنْ تُفرضَ عليكم فتَعجزوا عنها. فتُوفّيَ رسولُ اللّهِ والأمرُ على ذلك ) (١). |
وسواءٌ أكانت ليلةً واحدةً كما في الرواية محل البحث أم أكثر من ذلك بيسير ، فإنَّ النتيجةَ هي أنَّ النبي الخاتَم ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ) قد بادرَ إلى معالجة الموقف ، ونهى الناسَ عن أداء النافلة جماعةً بأي نحوٍ من التعليل كان.
وإنْ كانَ لنا تحفُّظٌ على أصل التعليل الوارد في مجموع هذه الروايات ، حيثُ إنَّ هذه الروايات قد أناطت رفعَ التكليف عن أداءِ النافلة جماعةً بمخافة النبي ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ) من أنْ تُفرض على الأُمة ، وهذا الأمرُ يتنافى مع فهمنا لواقع التشريع الإلهي المرتبط بالمصالح والمفاسد العامة للبشرية في مختلف الأمكنة والأزمنة ، والذي لا علاقةَ له بميول ثلةٍ من المصلين ، دفعتهم الرغبةُ الآنيةُ للائتمام بالنوافل في ليالي شهر رمضانَ ، إذ لا يُعقل أنَّه كلما تتولد رغبةٌ عند مجموعةٍ من الناس في أداء عبادةٍ معيّنةٍ فأنَّ ذلك يستدعي قربَ فرضِها عليهم ، ولماذا لا ينهى النبيُّ ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ) أصحابه عن الإتيان ببقية النوافل الراتبةِ خشيةَ أنَّ تُفرض عليهم ، فتصير واجبةً بمجرّد مواظبتهم عليها ، لو كانَّ هناك صدقيةٌ حقيقيةٌ لهذه الصلاة بالكيفية المذكورة ، إذ انَّ ملاكَ الخشيةِ من الافتراض جارٍ في كلتا الحالتين ، فمجردُ الخشية من الافتراض لا يمكنُ له أنْ يكونَ مبرراً لعدول النبي الخاتَم ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ) عن تشريعِ أمرٍ إلهي مستحبٍ ، ومرغوبٍ فيه.
هذا من جانبٍ ، ومن جانبٍ آخر ، فإنَّ الصلواتِ المفروضةَ على المسلمين قد تمَّ الفراغُ منها ، وحُددت عن طريق القرآنِ الكريم ، والأحاديثِ الشريفة ، ومن أبرزِها حديثُ الإسراءِ المشهور ، فعن ( أنس بن مالك ) قالَ :
__________________
(١) البخاري ، صحيح البخاري : ج : ٣ ، ص : ٤٥ ، باب : فضل من قام رمضانَ.