|
( اعلم أنَّ كلَّ ما ظهرَ بعدَ رسولِ اللّهِ صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ بِدعةٌ ، وكلَّ ما وافق أُصولَ سُنَّته وقواعدها ، أو قيس عليها فهو بِدعةٌ حسنة ، وكلَّ ما خالفها فهو بِدعةٌ سيئة وضلالة ) (١). |
وقد آلت النوبةُ إلى الكتب اللغوية التي يُفترض بها أن تكونَ في غاية الدقة ، والإتقان ، والأمانة؛ لتعتمدَ تقسيمَ ( البِدعة ) الآنف الذكر ضمن تعريفها ، ومن هذه الكتب ( المصباحُ المنير ) (٢) ، و ( تهذيبُ الأسماء واللغات ) (٣).
وأمّا ( ابنُ الأثير ) في كتابه ( النهاية ) (٤) فقد استندَ إلى مقولة ( عمر ) بشأن ( التراويح ) بشكلٍ صريح ، وأصبحَ تعريفُه لـ ( لبِدعة ) هذا أساساً اعتمدت عليه كتبٌ لغويةٌ أخرى.
يقولُ ( ابنُ الأثير ) في ( النهاية ) :
|
( وفي حديثِ عمر رضيَ اللهُ عنه في قيام رمضان : نعمتِ البدعةُ هذهِ. البِدعةُ بدعتان : بِدعةُ هدى ، وبِدعةُ ضلال ، فما كانَ في خلاف ما أمرَ اللّهُ به ورسولُه صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ ، فهو في حيِّز الذم والإنكار ، وما كانَ واقعاً تحت عموم ما ندبَ اللّهُ إليه ، وحضَّ عليه اللّهُ ، أو رسولُه ، فهو في حيِّز المدح ، وما لم يكن له مثالٌ موجود ، كنوعٍ من الجود ، والسخاء ، وفعل المعروف ، فهو من الأفعال المحمودة ... ومن هذا النوع قولُ عمر رضيَ اللهُ عنه : نعمتِ البدعةُ هذهِ ، لما كانَت من أفعال الخير ، وداخلةً في حيِّز المدح سمّاها بِدعةً ، ومدحها؛ لأنَّ النبي صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ لم |
__________________
(١) حوّى ، سعيد ، الأساس في السُنَّة وفقهها ( العقائد الإسلامية ) ، ص ٣٦٠ ، عن الجزء الأول من كتاب كشاف اصطلاحات الفنون.
(٢) الفيّومي ، المصباح المنير ، ص : ٣٨.
(٣) النووي ، تهذيب الأسماء واللغات ، ج : ١ ، ص : ٢٢.
(٤) كتاب ( النهاية ) من الكتب التي تناولت غريب الحديث ، وقد تناول المعاني اللغوية ضمناً.