أَيَّامِ الْمَوْسِمِ وَأَخَذُوا الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَبَقِيَ عِنْدَهُمْ عِشْرِينَ سَنَةً وَقَتَلُوا خَلْقاً كَثِيراً ، وَمِمَّنْ قَتَلُوا عَلِيَّ بْنَ بَابَوَيْهِ (١) ، وَكَانَ يَطُوفُ فَمَا قَطَعَ طَوَافَهُ فَضَرَبُوهُ بِالسَّيْفِ فَوَقَعَ إِلَى الْأَرْضِ وَأَنْشَدَ :
تَرَى الْمُحِبِّينَ صَرْعَى فِي دِيَارِهِمْ |
|
كَفِتْيَةِ الْكَهْفِ لَا يَدْرُونَ كَمْ لَبِثُوا. |
( قسط )
قوله تعالى : ( وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً ) [ ٧٢ / ١٥ ] أي الجائرون من القُسُوطِ وهو الجور. والإِقْسَاطُ : العدل ، ومنه قوله تعالى : ( قائِماً بِالْقِسْطِ ) [ ٣ / ١٨ ] وقوله : ( أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ ) [ ٣٣ / ٥ ] كله بمعنى العدل. قال المفسر : والضابط أن ما كان من قَسَطَ فهو بمعنى الجور ، وما كان من أَقْسَطَ فهو بمعنى العدل. قوله : ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى ) [ ٤ / ٣ ] الآية.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيِ : لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى خَافَ الْأَوْلِيَاءُ أَنْ يُلْحِقَهُمْ الحَوْبُ بِتَرْكِ الإِقْسَاطِ فِي حُقُوقِ الْيَتَامَى ، وَتَحَرَّجُوا مِنْ وَلَايَتِهِمْ ، وَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ رُبَّمَا كَانَ تَحْتَهُ الْعَشْرُ مِنْ الْأَزْوَاجِ أَوْ أَقَلَّ فَلَا يَقُومُ بِحُقُوقِهِنَّ ، فَقِيلَ لَهُمْ إِنْ خِفْتُمْ تَرْكَ الْعَدْلِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى فَحَرَجْتُمْ فِيهَا فَخَافُوا أَيْضاً تَرْكَ الْعَدْلِ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ ، لِأَنَّ مَنْ تَابَ مِنْ ذَنْبٍ وَهُوَ مُرْتَكِبٌ مِثْلَهُ فَهُوَ غَيْرُ تَائِبٍ.
وقيل معناه إن خفتم الجور في حق اليتامى فخافوا الزنا أيضا ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ ) أي ما حل
__________________
(١) ورد في هامش بعض النسخ الخطية هذه الملاحظة نثبتها بألفاظها هنا : إن كان المراد بعلي بن بابويه والد الصدوق فالظاهر من كلمات علماء الرجال خلافه ، لأن المستفاد منهم أنه توفي سنة تناثر النجوم ، وأنه لم يقتل بل مات حتف أنفه ، وأنه لم يكن في الحج بل مرقده في بلدة قم معروف وبقعته مشهورة فيها تزار ، ويحتمل أن يكون المراد غيره وأنه أحد أهل التصوف كما يظهر من شعره المذكور ـ لمحرره محمد هاشم الموسوي عفي عنه.