لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً ) [ ٢٠ / ١٠٨ ] أي خضعت. والخُشُوعُ : الخضوع. ومنه قوله : ( الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ ) [ ٢٣ / ٢ ] والخُشُوعُ في الصلاة : قيل خشية القلب والتواضع ، وقيل هو أن ينظر إلى موضع سجوده ، بدليل
أَنْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله كَانَ يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةِ طَأْطَأَ رَأْسَهُ وَنَظَرَ إِلَى مُصَلَّاهُ.
قوله : ( تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً ) [ ٤١ / ٣٩ ] أي يابسة متطامنة ، مستعار من الخُشُوع التذلل. قوله : ( خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ ) [ ٦٨ / ٤٣ ] أي لا يستطيعون النظر من هول ذلك اليوم قوله : ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ ) [ ٨٨ / ٢ ] أي خاضعة ذليلة.
وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ : سَأَلْتُ الرِّضَا عليه السلام عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ. عامِلَةٌ ناصِبَةٌ ) قَالَ نَزَلَتْ فِي النُّصَّابِ وَالزَّيْدِيَّةِ وَالْوَاقِفِيَّةِ مِنْ النُّصَّابِ (١).
وخَشَعَ في صلاته ودعائه : أي أقبل بقلبه على ذلك. والفرق بين الخُشُوع والخضوع هو أن الخُشُوع في البدن والبصر والصوت والخضوع في البدن.
وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله رَأَى رَجُلاً يَعْبَثُ بِلِحْيَتِهِ فِي صَلَاتِهِ ، فَقَالَ « لَوْ خَشَعَ قَلْبُهُ لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ ».
قال بعض الشارحين : في هذا دلالة على أن الخُشُوع في الصلاة يكون في القلب والجوارح ، فأما في القلب فهو أن يفرغ قلبه بجمع الهمة لها والإعراض عما سواها ، فلا يكون فيه غير العبادة والمعبود ، وأما في الجوارح فهو غض البصر وترك الالتفات والعبث.
وَعَنْ عَلِيٍّ عليه السلام : هُوَ أَنْ لَا يَلْتَفِتُ يَمِيناً وَلَا شِمَالاً ، وَلَا يَعْرِفُ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ « فَقَالَ بِخُشُوعٍ اللهُ أَكْبَرُ ».
أي بسكون وتذلل واطمئنان وانقطاع إلى الله تعالى.
__________________
(١) البرهان ج ٤ ص ٤٥٤.