قوله : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ) [ ٢٣ / ١٢ ] قيل المراد به هنا الهيكل المخصوص. قوله : ( إِنَ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ) [ ١٠٣ / ٢ ] الْإِنْسَانُ من الناس اسم جنس يقع على الذكر والأنثى والواحد والجمع ، واختلف في اشتقاقه مع اتفاقهم على زيادة النون الأخيرة. فقال البصريون : من الْأِنْسِ ، والهمزة أصلية ، وزنه فعلان. وقال الكوفيون : مشتق من النسيان ، فالهمزة زائدة ، ووزنه إفعان على النقص والأصل إنسيان على إفعلان ، ولهذا يرد إلى أصله مع التصغير فيقال أنيسيان. وقد اختلف الناس في معرفته اختلافا كثيرا لا يكاد ينضبط ، لكن يرجع حاصله إلى أنه إما جوهر أو عرض ، والجوهر إما جسماني أو روحاني ، فالأقسام ثلاثة : « الأول « ـ أن يكون عرضا ، فقيل هو المزاج المعتدل ، وقيل الحياة ، وقيل تخاطيط الأعضاء وتشكل البدن ». الثاني » ـ أن يكون جسما أو جسمانيا ، فقيل الهيكل المحسوس ، وقيل الأربعة. وقيل أحد العناصر الأربعة ، فكل ذهب إليه قوم ، وقال النظام جسم لطيف داخل البدن وقال الراوندي جزء لا يتجزى في القلب ، وقيل الروح ، وهو جسم مركب من نارية الأخلاط. والمحققون من المتكلمين قالوا : أنه أجزاء أصلية في البدن باقية من أول العمر إلى آخره ، لا يتطرق إليها الزيادة والنقصان ، ومن أحب الوقوف على دلائل هذه الأقوال فليطلبها من مظانها. و « الْإِنْسَانُ » على ما قيل مركب من صفات بهيمية وصفات سبعية وشيطانية وربوبية ، فيصدر من البهيمة الشهوة والشره والفجور ، ومن السبعية الغضب والحسد والعداوة والبغضاء ، ومن الشيطانية المكر والحيلة والخداع ، ومن الربوبية الكبر والعز وحب المدح ، وأصول هذه الأخلاط هذه الأربع وقد عجنت في طينة الإنسان عجنا محكما لا يكاد يتخلص منها ، وإنما ينجو من ظلماتها بنور الإيمان المستفاد من العقل والشرع ، فأول ما يخلق في