الآدمي البهيمية ، فيغلب عليه الشره والشهوة كما في الصبي ، ثم يخلق فيه السبعية فيغلب عليه المعاداة والمنافسة ، ثم يخلق فيه الشيطانية فيغلب عليه المكر والخداع ، ثم تظهر بعد ذلك صفات الربوبية وهو الكبر والاستيلاء ، ثم بعد ذلك يخلق العقل فيه ويظهر الإيمان ، وهو من حزب الله وجنود الملائكة ، وتلك الصفات من جنود الشيطان ، وجنود العقل تكمل عند الأربعين ويبدو أصله عند البلوغ ، وأما سائر جنود الشيطان تكون قد سبقت إلى القلب قبل البلوغ واستولت عليه وألفتها النفس واسترسلت في الشهوات متابعة لها إلى أن يرد نور العقل فيقوم القتال والتطارد في معركة القلب ، فإن ضعف جند العقل ونور الإيمان لم يقو على إزعاج جنود الشيطان ، فتبقى جنود الشيطان مستقرة في القلب آخرا كما سبقت إلى النزول فيه أولا ، وقد سلم للشيطان مملكة القلب. وقال بعض الأفاضل : اعلم أيها الإنسان أنك نسخة مختصرة من العالم ، فيك بسائطه ومركباته ومادياته ومجرداته ، بل أنت العالم الكبير بل الأكبر كما قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ :
دَوَاؤُكَ فِيكَ وَمَا تَشْعُرُ |
|
وَدَاؤُكَ مِنْكَ وَمَا تُبْصِرُ |
وَتَزْعُمُ أَنَّكَ جِرْمٌ صَغِيرٌ |
|
وَفِيكَ انْطَوَى الْعَالَمُ الْأَكْبَرُ. |
والإنس : خلاف الجن ، سمي إِنْساً لظهورهم ، وكذلك الإنسان سمي إِنْسَاناً لظهوره. والْإِنْسِيُ : خلاف الوحشي. والْأَنَسَةُ بالتحريك : ضد الوحشة. والْأَنَسُ بالتحريك لغة في الإنس.
وَفِي الْحَدِيثِ « إِنْ أَوْحَشَتْهُمُ الْغُرْبَةُ آنَسَهُمْ ذِكْرُكَ ».
أي سرهم ذكرك. والْأُنَاسُ بضم الفاء لغة في الناس ، وهو في الأصل فحذف. واسْتَأْنَسْتُ بفلان وتَأَنَّسْتُ بمعنى. والْأَنِيسُ : المؤانس ، وكل ما يؤنس به. وما بالدار من أَنِيسٍ : أي أحد. والِاسْتِينَاسُ : التَّأَنُّسُ. ومن أمثلتهم « الِاسْتِينَاسُ بالناس من