لإثبات ذلك ، وأنّ الشيخ الطوسي تتلمذ عليه في طوس.
كما أنّ صاحب الذريعة ، وتبعه بعض آخر من المترجمين المعاصرين ، قد كتبوا حول نسبة الشّيخ إلى طوس بأنّ مدينة « مشهد مدفن الإمام الرّضا عليهالسلام » كانت مجمعا لعلماء الشيعة في ذلك الوقت ، وبسطوا الكلام في مكانتها العلميّة (٣) ولا شكّ في أنّ طوس كانت في ذلك الزّمان مهدا للعلم والأدب ، وخرج منها علماء مشهورون ، فعند ما كان الشيخ الطوسي يقضي مرحلة الطفولة والشّباب ، كان الشاعر الفارسي « الفردوسي » في « طابران » طوس مشتغلا بسرد « الشّاهنامه » ديوان شعره الخالد. فلو كان هذا البلد مولد الطّوسي ومحل إقامته ، فيبعد جدّا أن لا يتّفق لقاؤه إياه ، مع أن « الفردوسي » كان شيعيّا وكان في أوج الشهرة في أواخر أيّام حياته. بل لا يبعد كونهما من عائلة واحدة ، إذا لاحظنا سلسلة آباء الشيخ « الحسن بن على بن الحسن » ، وأنّ الفردوسي كان اسمه « الحسن بن علىّ على أحد الأقوال. (٤) كما أنّه في « نوغان » طوس ـ وفي نفس العام الّذي غادر الطوسي بلاده ( لو كان من أهلها ) وورد بغداد اي عام ٤٠٨ ه ـ ولد ، نظام الملك وزير السلاجقة ، وتعلّم العلم والأدب بنفس البلد. ومن حسن الاتفاق أن اسمه أيضا « الحسن بن على ».
إضافة إلى المجهولات والأسئلة الّتي بقيت بلا جواب حول حياة الطوسيّ قبل هجرته إلى بغداد ، هناك سؤال آخر : وهو أنّ الطّوسي وعائلته في الأصل هل كانوا من العائلات الشيعيّة أو من أهل السّنّة؟
لا ريب في أنّ الطوسيّ لدى وصوله إلى بغداد مباشرة التحق بحلقة الشّيخ المفيد العالم الشيعي المعروف كما حضر عند غيره من علماء الإماميّة ، وأنّه منذ ذلك الوقت كان مدافعا عن هذا المذهب مجدّا في نشره وإرساء دعائمه. وهذا الأمر وحده لعلّه يكفي
__________________
(٣) مقدمة التبيان ص ج ، مقدمة رجال الشيخ ص ٥ و ٦ ، مقدمة بحار الأنوار ص ٦٩ وقد جاء في هذه المصادر وغيرها ، أنّ الشيخ الطوسي ولد بطوس. والظاهر أنّه لا مستند لهذا القول سوى كونه منسوبا إلى طوس ، وهذا كما عرفت لا يكفي لذلك. وانى لم أقف إلى الآن على من تنبه لهذه النكتة ، ولا على من استند في قوله إلى كلام أحد من القدماء.
(٤) يقول إبراهيم پورداود في مقدمة كتاب « داستان بيژن ومنيژه » إن اسم الفردوسي جاء في الترجمة العربية عن الشاهنامة للبندارى : « منصور بن الحسن » ، وفي تاريخ گزيده ومجالس النفائس : « حسن بن علي » ، وفي تذكرة دولت شاه السمرقندي وآتشكده آذر : « حسن بن إسحاق بن شرفشاه » ، وفي المقدمة البايسنغريّة على الشاهنامة ومجمل الفصيحي : « منصور بن فخر الدّين أحمد فرّوخ ».