ومن جملتها كتاب « الفهرست » وكثير من كتبه المهمة المشهورة سوى أجوبة المسائل. وهذا دليل آخر على فراغ الشيخ من تأليف تلك الكتب ورواجها بين الطائفة حين ذاك. وكلمة « عين » في كلام النّجاشي التي وصف بها الشيخ الطوسي ، تعبير واضح عن مكانة الشيخ واشتهاره بين النّاس وشخوص الأنظار إليه. وللأسف لم نعثر في شيء من كتب الشيخ الطوسي ولا في رجال النّجاشي على ما يدل على وجود علاقة بين هذين العالمين العلمين مع اشتراكهما في أكثر الشيوخ والأساتذة ، وكونهما من المتصلين بالمفيد والمرتضى والمقربين عندهما فإن النجاشي يقول في السيد المرتضى : « توليت غسله ومعي الشريف أبو يعلى محمد بن الحسن الجعفري وسلّار بن عبد العزيز » (١) ويظهر من هذه الجملة علاقة النّجاشي بابى يعلى الجعفري وسلّار ، وعلاقة الثّلاثة بالسيد المرتضى ، وكلهم من تلامذة المفيد والسيد ومن المعاصرين للشيخ الطوسي إلّا أنّه في هذا الكلام لم يذكر الشيخ معهم ، كما أن الشيخ أيضا لم يتعرض في ترجمة السيد في الفهرست (٢) لمن تصدى لغسله وتجهيزه مع أنّه كان حاضرا هناك بحسب العادة بل لم يتعرض الشيخ في شيء من كتبه كالفهرست والرجال لترجمة النجاشي أصلا ، وهذا مما يثير العجب. ومع ذلك كلّه فإن العلامة الحلي عدّ الشيخ الطوسي ممّن روى عن النجاشي (٣).
وعلى كل حال فلا ريب في أنّ النّجاشي قد ألّف « رجاله » أو بتعبير أصحّ « فهرسته » (٤) بعد فهرست الطوسي ، وكان أستاذنا الكبير آية الله البروجردي رضوان الله تعالى
__________________
(١) رجال النّجاشي ص ٢٠٧.
(٢) فهرست الطوسي ص ١٢٦.
(٣) مقدمة رجال الطوسي للعلامة السيد محمد صادق آل بحر العلوم ص ٣٨ نقلا عن إجازة العلامة الحلّي لبني زهرة ، وخاتمة المستدرك ص ٥١٠ ومقدمة التبيان ص أح ، وإجازات بحار الأنوار ط كمپاني ص ٢٨.
(٤) التعبير عن رجال النّجاشي بالفهرست نبّه عليه لأوّل مرة الأستاذ البروجردي رحمة الله تعالى عليه ، ويصدقه ملاحظة وضع الكتاب ، مع أن النّجاشي صرح في أوله بأنه قصد بذلك التأليف الإجابة على ما كان المخالفون يقولونه للشيعة « انّه لا سلف لكم ولا مصنّف » وأصرح في ذلك قوله في أول الجزء الثاني من الكتاب ص ١٥٧ : « الجزء الثاني من كتاب أسماء مصنّفي الشيعة وما أدركنا من مصنّفاتهم وذكر طرف من كناهم وألقابهم ومنازلهم وأنسابهم وما قيل في كل رجل منهم من مدح وذمّ .. ».
والفرق بين « الرجال » و « الفهرست » أنّ الهدف من الأوّل التعريف برجال الحديث ، وبالثّاني التعريف بالمصنّفين والمؤلفين ، وإن كان أكثر الرواة مؤلفين ، وأكثر المؤلفين القدامى ، مصنّفين. وما قاله