ويمكن أن يقال في هذه الآية : انها خرجت مخرج المدح لهم لما فعلوه لا على سبيل ايجاب الحق في أموالهم ، لأنه تعالى قال ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون * وبالاسحار هم يستغفرون * وفي أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم ) فأخرج الكلام كله مخرج المدح لهم بما فعلوه ، وليس في ايجاب الله في أموالهم حقا معلوما [ مدح لهم ولا ما يجب الثناء عليهم ، فعلم أن المعنى ويعطون من أموالهم حقا معلوما ] (١) للسائل والمحروم ، وما يفعلونه من ذلك ليس بلازم أن يكون واجبا بل قد يكون نفلا ومتطوعا به ، وقد يمدح الفاعل على ما يتطوع به كما يمدح على فعل ما يجب عليه
ولا تعلق لهم بقوله ( وآتوا الزكاة ) ، لان اسم الزكاة اسم شرعي ، ونحن لا نسلم أن في عروض التجارة زكاة فيتناولها الاسم ، فعلى من ادعى ذلك أن يدل عليه.
والدين إذا كان يد صاحبه تمتد إليه ولا يتعذر عليه كانت الزكاة فيه ، وإذا لم يتمكن من قبضه لتأجيله أو دفعه باليد عنه فلا زكاة فيه على صاحبه. وبذلك نصوص عن آل محمد عليهمالسلام ، فان الله لم يجعل في الدين من حرج ، ولا كلف عسيرا بنص التنزيل.
( فصل )
وقوله ( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات ) (٢).
سبب ذلك أنهم لما سألوا النبي عليهالسلام أن يأخذ من مالهم ما يكون كفارة لذنوبهم فامتنع النبي من ذلك حتى أذن له فيه بقوله ( خذ من أموالهم
__________________
(١) الزيادة ليست في ج.
(٢) سورة التوبة : ١٠٤.