قال الربيع والسدي الآية تدل على أن النفقة بسبع مائة ضعف لقوله ( سبع سنابل ) ، فأما غيرها فالحسنة بعشرة كقوله تعالى ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) (١) ومعنى الآية : أي يضاعف الله لهم الحسنات.
فان قيل : هل رؤي في سنبلة مائة حبة حتى يضرب المثل بها؟ قلنا : ان ذلك متصور ، فشبه به لذلك وان لم ير ، كقول امرئ القيس :
ومسنونة زرق كأنياب أغوال
وقال تعالى ( طلعها كأنه رؤوس الشياطين ) (٢). وقيل يرى ذلك في سنبل الدخن ، وقد يكون ذلك عبارة عن حب كثير.
وهذه الآية متصل بقوله ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ) (٣) وهذا مجاز ، لان حقيقته أن يستعمل في الحاجة ويستحيل ذلك. ومعناه التلطف في الاستدعاء إلى أعمال البر.
وجهلت اليهود لما نزلت هذه الآية ، فقالوا : الذي يستقرض منا فنحن أغنياء وهو فقير إلينا ، فأنزل الله ( لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ) (٤).
( فصل )
وقوله تعالى ( ومنهم من يلمزك في الصدقات ) (٥) الآية. دلالة على أنهم لم ينظروا إلى كيفية القسمة أهي عادلة أم جائرة ، وانما اعتبروا اعطاءه إياهم فقط ، فان أعطاهم قالوا عدل وأحسن وان لم يعطهم سخطوا وأنكروا. وهذا جهل ومعلوم أن من لم
__________________
(١) سورة الأنعام : ١٦٠.
(٢) سورة السافات : ٦٥.
(٣) سورة البقرة : ٢٤٥.
(٤) سورة آل عمران : ١٨١ ، وانظر الدر المنثور ٢ / ١٠٦.
(٥) سورة التوبة : ٥٨.