وقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ) (١) أي يا أيها الذين صدقوا الله فيما أوجب عليهم لا تحلوا حرمات الله ولا تعدوا حدوده ولا تحلوا معالم حدود الله وأمره ونهيه وفرائضه ولا تحلوا حرم الله وشعائر حرم الله ورسوله ومناسك الحج.
عن ابن عباس المعنى لا تحلوا مناسك الحج فتضيعوها ، وقال مجاهد شعائر الله الصفا والمروة والهدي من البدن وغيرها. وقال الفراء كانت عامة العرب لا ترى الصفا والمروة من شعائر الله ولا يطوفون بهما فنهاهم الله عن ذلك ، وهو قول أبى جعفر عليهالسلام. وقال قوم لا تحلوا ما حرم الله عليكم في احرامكم. وقيل الشعائر العلامات المنصوبة للفرق بين الحل والحرم ، نهاهم الله أن يتجاوزوا المواقيت إلى مكة بغير احرام. وقال الحسين بن علي المغربي : المعنى لا تحلوا الهدايا المشعرة هدايا للبيت. وقريب منه ما روي عن ابن عباس أيضا ان المشركين كانوا يحجون البيت ويهدون الهدايا ، فأراد بعض المسلمين أن يغيروا عليهم فنهاهم الله عنه.
والعموم يتناول الكل.
ثم قال ( ولا الشهر الحرام ) أي لا تستحلوا الأشهر الحرم كلها بالقتال فيها أعداءكم هؤلاء من المشركين ولا تستحلوها بالنسئ ، انما النسئ زيادة في الكفر (٢).
وقوله تعالى ( ولا القلائد ) أي ولا تحلوا الهدي المقلد. وانما كرر لأنه أراد
__________________
(١) سورة المائدة : ٢.
(٢) في التبيان : قال أبو علي : كانوا يؤخرون الحج في كل سنة شهرا ، وكان الذي ينسئون بنى سليم وغطفان وهوازن ، وافق ذلك في الحجة ، فلما حج النبي صلىاللهعليهوآله في العام المقبل وافق ذلك في ذي الحجة ، فلذلك قال : لا ان الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السماوات والأرض ـ في قول مجاهد. وكأن النسئ المنهى في الآية تأخير الأشهر الحرم عما وقتها الله تعالى ، وكانوا في الجاهلية يعملون ذلك ، وكان الحج يقع في غيره وفيه ، فبين الله ان ذلك زيادة في الكفر ( هـ ج ).